للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطلوبك، فيجتمع عليك مصيبتان، ويحصل لك محنتان.

وقال المصنف: "الجزع بفتح الجيم والزاي، أي: الحزن وهو ضد الصبر" (١)، انتهى.

وفيه بحث؛ إذ الحزن لا ينافي الصبر، فقد قال في موت ولده: "العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنَّا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون". وأيضًا الحزن أمر طَبَعِيٌّ غير اختياري، فلا يدخل تحت حكم شرعي اعتباري.

(واعلم أن الجزع لا يرد شيئًا) أي: مما فات، (ولا يدفع حزنًا) أي: فيما هو آت، (وما هو نازل) أي: من البلايا بما تعلق به القضاء والقدر، (فَكَأَنْ) بسكون النون بعد فتح همز، ولعلها مخففة من المثقلة، أي: "فكأنه كان" أو "كأنه نزل"، وفي نسخة بزيادة: "قد"، وهو موافق لما في "سلاح المؤمن" و"موضوعات ابن الجوزي"؛ ففيه زيادة تحقيق، فالتقدير: "فكأنه قد نزل".

وقال المصنف: "حفظناه بالفاء فكاف مفتوحة وهمزة كذلك فَنُونٌ ساكنة، أي: فكان قد وقع وحصل وصار، فلا فائدة في الجزع"، والله أعلم.

(والسلام) فيه إيماءٌ إلى أنه ينبغي السلام أولًا وآخرًا في المكتوب، وهو مؤيد بالقياس على سلام المواجهة والموادعة.

(مس، مر) أي رواه: الحاكم، وابن مردويه، عن معاذ بن جبل، وقد


(١) "مفتاح الحصن الحصين" (ل ١٥/ أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>