للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكاذبون في هذا القول. فإذا كان وعد المشركين في السر بالدخول معهم، ونصرهم والخروج معهم إن جلوا، نفاقاً وكفراً، وإن كان كذباً، فكيف بمن أظهر ذلك صادقاً، وقدم عليهم ودخل في طاعتهم، ودعا إليها ونصرهم، وانقاد لهم وصار من جملتهم، وأعانهم بالمال والرأي؟! هذا مع أن المنافقين لم يفعلوا ذلك إلا خوفاً من الدوائر، كما قال تعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} [سورة المائدة آية: ٥٢] . هكذا حال كثير من هؤلاء المرتدين في هذه الفتنة، فإن عذر كثير منهم هذا هو العذر الذي ذكره الله عن الذين في قلوبهم مرض، ولم يعذرهم الله به، قال تعالى: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ} [سورة المائدة آية: ٥٢-٥٣] . ثم قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [سورة المائدة آية: ٥٤] ، فأخبر تعالى أنه لا بد عند وجود المرتدين، من وجود المحبين المجاهدين; ووصفهم بالذلة والتواضع للمؤمنين، والعزة والغلظة والقسوة على الكافرين،

<<  <  ج: ص:  >  >>