فِي الأَجِيرِ الرَّاعِي وَغَيْرِهِ
- وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الأَجِيرِ الرَّاعِي ضَمَانُ شَيْءٍ مِنْ رَعِيَّتِهِ، إِنَّمَا هُوَ مَأْمُونٌ فِيمَا هَلَكَ أَوْ ضَلَّ، يُؤْخَذُ يَمِينُهُ؛ الْقَضَاءُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَنَا.
- وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ ضَمَانٌ فِي سَائِمَةٍ دُفِعَتْ إِلَيْهِ يَرْعَاهَا إِلا يَمِينُهُ، إِلا أَنْ يَكُونَ بَاعَ أَوِ انْتَحَرَ؛ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَدُفِعَ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ، فَلَيْسَ عَلَى سَيِّدِهِ فِيهِ غُرْمٌ وَلا فِي شَيْءٍ مِنْ رَقَبَةِ الْعَبْدِ.
وَأَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَبُكَيْرٍ، وَشُرَيْحٍ الْكِنْدِيِّ مِثْلَهُ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِلا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ بِإِهْلاكِهِ مُتَعَمِّدًا.
- وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنِ الرَّاعِي الأَجِيرِ فِي الْمَالِ مِنَ الإِبِلِ وَالْغَنَمِ مِمَّا تَقِلُّ إِجَارَتُهُ وَتَعْظُمُ غَرَامَتُهُ؛ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يُضَمِّنُ الأُجَرَاءَ لِلْحَيَوَانِ.
قَالَ: وَلَيْسَ عَلَى الرَّاعِي ضَمَانٌ، إِنَّمَا الضَّمَانُ عَلَى الصُّنَّاعِ؛ قَالَ: وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ الرَّاعِي ضَمَانُ مَا دُفِعَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، إِلا أَنْ يَكُونَ انْتَحَرَ شَيْئًا مِمَّا دُفِعَ إِلَيْهِ.
- وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّاعِيُ: إِنْ خَفَّتْ دَابَّةُ رَجُلٍ مَعَهُ، فَجَعَلَ فِيهَا؛ قَالَ: مَا جَعَلَ فِيهَا فَعَلَى سَيِّدِهَا وَمَا عَلَفَهَا.
- وَقَالَ مَالِكٌ فِي الأَجِيرِ يُسْتَأْجَرُ فِي الدَّوَابِّ يُرَوِّضُهَا أَوْ يَسُوقُهَا أَوْ يُرَحِّلُهَا، أَوْ فِي الْمَوَاشِي يُرَحِّلُهَا فَيَضْرِبُ مِنْهَا شَيْئًا فَيَكْسِرُهُ أَوْ يَفْقَأُ عَيْنَهَا، أَوْ يَحْمِلُ عَلَى الدَّوَابِّ شَيْئًا بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِهَا لِنَفْسِهِ بِكِرَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ كِرَاءٍ، فَتَنْفَلِتُ الدَّابَّةُ أَوْ تَسْلَمُ؛ قَالَ: أَمَّا مَا كَسَرَ أَوْ فَقَأَ عَيْنَهَا أَوْ قَتَلَهُ، فَإِنَّهُ يُغَرَّمُ ذَلِكَ؛ وَأَمَّا مَا حَمَلَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِهَا لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِكِرَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ كِرَاءٍ، فَإِنَّ لأَرْبَابِ الدَّوَابِّ إِذَا عَلِمُوا ذَلِكَ كِرَاءَ مَا حَمَلَ غُرْمًا عَلَيْهِ إِنْ سَلِمَتِ الدَّابَّةُ، وَإِنْ تَلِفَتْ خُيِّرَ أَهْلُ الدَّابَّةِ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْكِرَاءِ.
- وَقَالَ لِي مَالِكٌ فِي الأَجِيرِ فِي الْحَرْثِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، فَيَضْرِبُ الدَّابَّةَ الَّتِي يَعْمَلُ عَلَيْهَا فَيَعْقِرُهَا؛ قَالَ: إِنْ ضَرَبَ بِمَا لا يُضْرَبُ بِمِثْلِهِ أَوْ حَيْثُ لا يُضْرَبُ، رَأَيْتُ أَنْ يُضَمَّنَ، وَإِنْ جَاءَ عَلَى يَدَيْهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، لَمْ أَرَ عَلَيْهِ ضَمَانًا.
- وَسَأَلْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ عَنِ الأَجِيرِ يَعْمَلُ عَلَى الدَّابَّةِ فَيَضْرِبُهَا فَيَكْسِرُهَا أَوْ يَفْقَأُ عَيْنَهَا؛ فَقَالَ: إِنْ تَعَمَّدَ عَنَتَهَا كَانَ عَلَيْهِ الْغُرْمُ، وَإِنْ كَانَ ضَرْبًا لا يُرِيدُ عَنَتَهَا , فَزَاغَتِ الدَّابَّةُ فَأَصَابَ عَيْنَهَا، لَمْ نَرَ عَلَيْهِ غُرْمًا.
- وَكَتَبَ إِلَيَّ مَالِكٌ فِي حَارِسِ الْحَمَّامِ: لا أَرَى أَنْ يُضَمَّنَ، وَإِنَّمَا هُوَ أَجِيرٌ اسْتُؤْجِرَ لِيَحْفَظَ مَا وُكِّلَ بِهِ، إِلا أَنْ يَخْتَانَ ذَلِكَ هُوَ أَوْ يَبِيعَهُ؛ فَأَمَّا عَلَى وَجْهِ الاجْتِهَادِ وَالْحِرْصِ عَلَى أَدَاءِ مَا وُكِّلَ بِهِ، فَلا أَرَى عَلَيْهِ ضَمَانًا.
- وَسَمِعْتُ اللَّيْثَ يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الأَجِيرِ ضَمَانٌ فِيمَا تَلِفَ مِنْهُ.
وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الأَجِيرِ ضَمَانٌ.
- وَأَخْبَرَنِي عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَالَ: مَا كَانَ مِنْ دَيْنِ الأَجِيرِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ وَمِنْ بَعْدِ الإِجَارَةِ، فَدَيْنُهُ فِي رَقَبَتِهِ وَعَمَلِهِ لِمَنِ اسْتَأْجَرَهُ حَتَّى يَفْرَغَ.
- وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا وَسَمَّى لَهُ الْعَمَلَ الَّذِي يَعْمَلُ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ كَلَّفَهُ عَمَلا غَيْرَهُ، فَأُصِيبَ فِي عَمَلِهِ ذَلِكَ؛ قَالَ: إِنْ كَانَ سَيِّدُ الأَجِيرِ شَرَطَ عَلَيْهِ أَلا يُجَاوِزَ بِهِ عَمَلا وَاحِدًا سَمَّاهُ لَهُ أَوْ أَعْمَالا سَمَّاهَا لَهُ، فَاسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِهِ، فَإِنِّي أَرَاهُ قَدْ ضُمِّنَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ شُرُوطًا، وَلا سَمَّى لَهُ عَمَلا، فَلا نَرَى عَلَيْهِ ضَمَانًا.
- قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَبَلَغَنِي عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّهُ قَالَ: مَا كَانَ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ عَبْدٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ أَهْلُهُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ، فَإِنَّ كُلَّ مَنِ اسْتَعَانَ أَحَدًا مِنْ أُولَئِكَ أَوِ اسْتَأْجَرَهُ يُغَرَّمُ مَا أُصِيبَ مِنْهُ؛ فَأَمَّا كُلُّ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَ وَهُوَ مَالِكٌ لأَمْرِهِ فَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ اسْتَعَانَهُ أَوِ اسْتَأْجَرَهُ، تِبَاعَةَ شَيْءٍ أُصِيبَ بِهِ، إِذَا أَتَى ذَلِكَ طَائِعًا.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى بِذَلِكَ.
- وَقَالَ لِي مَالِكٌ فِي الْعَبِيدِ يُسْتَأْجَرُونَ: لَيْسَ عَلَى مَنِ اسْتَأْجَرَهُمْ ضَمَانُ مَا أَصَابَهُمْ؛ وَإِنَّ قَالَ سَادَاتُ الْعَبِيدِ: لَمْ نَأْمُرْهُمْ أَنْ يُؤَاجِرُوا أَنْفُسَهُمْ، إِلا أَنْ يَسْتَأْجِرُوا عَبْدًا فِي عَمَلٍ مُخَوِّفٍ عَلَى وَجْهِ الْغَرَرِ يَزِيدُهُ فِي إِجَارَتِهِ أَضْعَافًا مِنْ ذَلِكَ الْبِئْرِ تَكُونُ بِهَا الْحَمَأَةُ وَالْهَدْمُ مِنْ تَحْتِ الْجُدْرَانِ وَمَا أَشْبَهَهُ، فَالَّذِي اسْتَأْجَرَهُ عَلَى هَذَا ضَمَانُ الْعَبْدِ إِذَا كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ؛ وَهُوَ الأَمْرُ عِنْدَنَا.
- وَقَالَ لِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: إِنِ اسْتَعْمَلَ رَجُلٌ عَبْدًا عَمَلا شَدِيدًا فِيهِ غَرَرٌ بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِهِ، فَعَمِلَهُ فَعَلَيْهِ فِيهِ الضَّمَانُ إِنْ أُصِيبَ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَدْ أُرْسِلَ فِي الإِجَازَةِ؛ وَذَلِكَ لأَنَّهُ إِنَّمَا أُذِنَ لَهُ مِنَ التِّجَارَةِ فِيمَا تَجْرِي فِيهِ الأَعْمَالُ وَتُؤْمَنُ فِيهِ الْبَلايَا، وَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الإِغْرَارِ، كَالْبِئْرِ الَّتِي قَتَلَتْ أَهْلَهَا حَمَأَةٌ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ.
وَإِنْ خَرَجَ بِهِ سَفَرًا بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ.
- قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَسْتَأْجِرُ الْعَبْدَ مِنْ نَفْسِهِ فَيَبْعَثُهُ إِلَى الْمَوْضِعِ الْبَعِيدِ أَوْ مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِالْقَرْيَةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهُ فِيهَا، أَنَّهُ يَضْمَنُ ذَلِكَ الْعَبْدَ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ يُبْعَثُ إِلَى غَيْرِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ الَّتِي هُوَ بِهَا، وَإِنَّمَا يُخَارِجُ عَلَى أَهْلِهِ فِي الْقَرْيَةِ.
- وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، أَنَّهُ قَالَ: مَا كَانَ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ مَوْلًى عَلَيْهِ أَوْ عَبْدٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ أَهْلُهُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ، فَإِنَّ كُلا مِنْهُ اسْتَعَانَ أَحَدًا مِنْ أُولَئِكَ أَوِ اسْتَأْجَرَهُمْ يُغَرَّمُ مَا أُصِيبَ مِنْهُمْ.
قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَدْ أَذِنَ لَهُ أَهْلُهُ فِي الإِجَارَةِ، فَكَانَ أَعَانَهُ عَوْنًا بِغَيْرِ إِجَارَةٍ، فَإِنَّهُ يُغَرَّمُ مَا أُصِيبَ بِهِ الْعَبْدُ.
وَأَيْضًا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ حُرٍّ قَدْ بَلَغَ وَهُوَ مَالِكٌ لأَمْرِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ، اسْتَعَانَهُ أَوِ اسْتَأْجَرَهُ، تِبَاعَةً فِي شَيْءٍ أُصِيبَ بِهِ إِذَا أَتَى ذَلِكَ طَائِعًا.
- قَالَ يُونُسُ: وَقَالَ رَبِيعَةُ: يُضَمَّنُ الْعَبْدُ فِيمَا اسْتُعِينَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرٍ يَنْبَغِي فِي مِثْلِهِ الإِجَارَةُ؛ وَكُلُّ مَنِ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا فِي غَرَرِ الإِجَارَةِ فِيمَا يُخْشَى مِنَ التَّلَفِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَدْ أُرْسِلَ فِي الإِجَارَةِ؛ وَذَلِكَ لأَنَّهُ إِنَّمَا أُذِنَ لَهُ مِنَ الإِجَارَةِ فِيمَا تَجْرِي بِهِ الأَعْمَالُ وَتُؤْمَنُ فِيهِ الْبَلايَا، وَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الإِغْرَارِ، كَالْبِئْرِ الَّتِي قَتَلَتْ أَهْلَهَا حَمَأَةٌ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ.
وَأَمَّا كَبِيرٌ حُرٌّ فَلا نَعْلَمُ فِيهِ شَيْئًا إِلا أَنْ يُسْتَغْفَلَ وَيُسْتَجْهَلَ أَوْ يُقَرَّبَ لَهُ فِيمَا لا يَعْلَمُ مِنْهُ مَا يَعْلَمُ الَّذِي قُرِّبَ لَهُ فِيهِ.
قَالَ: وَمَنِ اسْتَأْجَرَ عَبْدَ قَوْمٍ، وَإِنْ كَانَ غُلامًا يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ، فَخَرَجَ بِهِ فِي سَفَرٍ بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِهِ، فَهُوَ ضَامِنٌ.
قَالَ: وَكُلُّ مَنِ اسْتَعَانَ غُلامًا لَمْ يَبْلُغِ الْحُلُمَ فِيمَا يَنْبَغِي فِي مِثْلِهِ الإِجَارَةُ، فَهُوَ لِمَا أَصَابَهُ ضَامِنٌ؛ وَمَا كَانَ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ عَبْدٍ فِيمَا لا يَنْبَغِي فِيهِ الإِجَارَةُ كَالرَّجُلِ يَقُولُ: نَاوِلْنِي نَعْلَيَّ، وَنَاوِلْنِي قَدَحًا وَكَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، فَلَيْسَ فِي هَذَا عَقْلٌ.