يا عُزَّ كُفْرَانَك لا سُبحانَكِ … إني رأيتُ اللهَ قَدْ أَهَانكِ
ثم خرَّب ذلك البيت الذي كانت فيه، وأخذ ما كان فيه من الأموال، ﵁ وأرضاه، ثم رجع فأخبر رسول الله ﷺ، فقال: "تلك العُزَّى ولا تُعْبَدُ أَبَدًا".
وقال البيهقيُّ (١): أنبأنا محمد بن أبي بكر الفقيه، أنبأنا محمد بن أبي جعفر، أنبأنا أحمد بن عليٍّ، ثنا أبو كُريب، عن ابن فُضيل، عن الوليد بن جُميع، عن أبي الطُّفيل قال: لمَّا فتح رسول الله ﷺ مَكَّة بعث خالد بن الوليد إلى نخلة، وكانت بها العُزَّى، فأتاها، وكانت على ثلاث سَمُرات، فقطع السَّمرات وهَدَمَ البيت الذي كان عليها، ثم أتى رسول الله ﷺ فأخبره، فقال: "ارجع فإنك لم تصنع شيئًا". فرجع خالد، فلمَّا نظرت إليه السَّدنة وهم حجَّابها، أمعنوا هربًا في الجبل وهم يقولون: يا عُزَّى خَبِّليه، يا عُزَّى عوِّريه، وإلا فموتي برغمٍ. قال: فأتاها خالد، فإذا امرأة عُرْيَانَةٌ ناشرةٌ شعرها، ثحثو التُّراب على رأسها ووجهها، فعمَّمها بالسيف حتى قتلها، ثم رجع إلى النبي فأخبره، فقال: "تلك العُزَّى".
* * *
فصل في مدة إقامته، ﵇، بمكَّة
لا خلاف أنه، ﵊، أقام بقية شهر رمضان يَقْصُرُ الصَّلاة ويُفطرُ، وهذا دليل من قال من العلماء: إن المسافر إذا لم يجمع الإقامة فله أن يَقْصُرَ ويُفْطِرَ إلى ثمانية عشر يومًا في أحد القولين، وفي القول الآخر، كما هو مقرَّر في موضعه.
قال البخاريُّ (٢): ثنا أبو نُعيم، ثنا سُفيان.
(ح) وحدَّثنا قَبيصة، ثنا سفيان، عن يحيى بن أبي إسحاق، عن أنس بن مالك قال: أقمنا مع رسول الله ﷺ عشرًا نَقْصُرُ الصلاة.
وقد رواه بقية الجماعة (٣) من طرق متعددة، عن يحيى بن أبي إسحاق الحضرميِّ البصريِّ، عن أنس به نحوه.
(١) في "دلائل النبوة" (٥/ ٧٧).
(٢) رواه البخاري رقم (٤٢٩٧) من حديث أنس بن مالك ﵁.
(٣) هو عند مسلم رقم (٦٩٣) وأبو داود رقم (١٢٣٣) والترمذي رقم (٥٤٩) والنسائي في "المجتبى" (٣/ ١٢١) وابن ماجه رقم (١٠٧٧) وانظر "جامع الأصول" (٥/ ٧٠١).