للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعثَهُ رسول الله يستقي لهم الماء، فأرادوا مَنْعَه، وقطعوا الدَّلْوَ فنزل إليهم. وهي قصة مطوَّلة منكرة جدًّا، واللّه أعلم.

وقال الخرائطي (١): حدّثني أبو الحارث محمد بن مصعب الدمشقي وغيره، حدّثنا سليمان بن بنتِ شُرَحبيل الدمشقي (٢)، حدّثنا عبد القدوس بن الحجَّاج (٣)، حدّثنا مجالد (٤) بن سعيد، عن الشعبي، عن رجل (٥) قال: كنتُ في مجلسِ عمرَ بنِ الخطاب، وعنده جماعةٌ من أصحاب النبيِّ يتذاكرون فضائلَ القرآن، فقال بعضهم: خواتيم سورةِ النحل؛ وقال بعضهم: سورة يس. وقال علي: فاين أنتم عن فضيلةِ آية الكرسي؟ أما إنها سبعوا (٦) كلمة في كل كلمة سبعوا (٧) بركة. قال: وفي القوم عمرو بن مَعْدِي كَرِب لا يُحيرُ جوايًا. فقال: أين أنتم عن بسم اللّه الرحمن الرحيم؟ فقال عمر: حدّثْنا يا أبا ثَوْر.

قال: بينا أنا في الجاهلية إذْ جهدني الجوع، فأقحمتُ فرسي البرِّيَّة فما أصبتُ إلَّا بَيْضَ النَّعام، فبينا أنا أسير إذا أنا بشيخٍ عربيٍّ في خيمة، وإلى جانبه جاريةٌ كأنها شمسٌ طالعة، ومعه غُنيمات له، فقلت له: اسْتأْسِر (٨) ثَكِلَتْك أُمُّك. فرفع رأسه إليَّ وقال: يا فتى، إنْ أردتَ قِرّى فانزِلْ، وإنْ أردتَ معونةً أعنَّاك. فقلت له: أستأسر. فقال: [من الطويل]

عَرضْنا عَليكَ النزْلَ مِنَّا تكرُّمًا … فلم ترعوي جَهْلًا كفِعلِ الأشائم (٩)

وَجِئتَ ببُهْتانٍ وزُورٍ ودونَ ما … تمنّيتَه بالبيضِ حزَّ الغَلاصِمْ (١٠)

قال: ووثب إليَّ وثبةً وهو يقول: بسم الله الرحمن الرحيم. فكأني مَثَلْتُ تحته، ثم قال: أقتُلك أم


(١) في الهواتف (ص ١٧٤) وأخرجه ابن حذلم الدمشقي في حديثه عن شيوخه، وأبو بكر أحمد بن مروان المالكي في كتابه: "المجالسة وجواهر العلم" وابن عساكر في ترجمة عمرو بن معديكرب. انظر شعر عمرو بن معدي كرب (ص ٢١٤).
(٢) هو سليمان بن عبد الرحمن بن عيسى بن ميمون المعروف بابن بنت شرحبيل. ترجمته في سير أعلام النبلاء (١١/ ١٣٦) ومصادر ترجمته فيه يضاف إليها مختصر تاريخ دمشق لابن منظور (١٠/ ١٦٩).
(٣) كذا في ح، ط والهواتف وفي شعر عمرو: محمد بن عبد القدوس. وهو أشبه بالصواب.
(٤) في ح، ط: خالد. تصحيف، والمثبت من الهواتف وشعر عمرو، وتهذيب التهذيب (١٠/ ٣٩)، وهو ضعيف.
(٥) في شعر عمرو: الشعبي قال: حدثنا مكحول عن رجل. وهو أشبه بالصواب.
(٦) في الهواتف: خمسون.
(٧) سقطت اللفظة من ط، وهي من ح والهواتف.
(٨) "استأسر": أي كن أسيرًا لي. التاج (أسر).
(٩) قوله: ترعوي بإثبات الياء من الضرائر الشعرية، وهو جائز.
(١٠) في الهواتف: الحلاقم؛ والغلاصم: جمع غلصمة، وهي رأس الحلقوم، وهو الموضع الناتئ في الحلق.
اللسان (غلصم) وزاد في رواية ابن حذلم:
فبالأحرف اللاتي تمسَّكت حفظها … دُحضت لحاك اللّه عن أنف راغم