للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلي لم يرد منا ذلك. فذُكِرَ للنبي فلم يعنف واحدًا منهم (١).

ففريق اعتمد على ظاهر اللفظ، وفريق اعتمد على المعنى والنظر والحكمة المقصودة من اللفظ؛ وهذان مسلكان يحتاجهما الفقيه.

ومنها: أنَّ عمرو بن العاص لما بعثه رسول الله عام ذات السلاسل قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح قال: فلما قدمنا على رسول الله ذكرت له ذلك، فقال: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ قلت: نعم، إني احتلمت في ليلة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، وذكرت قول الله ﷿: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: ٢٩] فتيممت ثم صليت، فضحك رسول الله ولم يقل شيئًا (٢).

فعمرو بن العاص استدل بعموم قول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: ٢٩]، على جواز أن يصلي


(١) أخرجه البخاري (٩٤٦) من حديث ابن عمر مرفوعًا.
(٢) صحيح لطرقه: أخرجه أبوداود (٣٣٤)، والدارقطني في سننه (٦٨١) وغيرهما من حديث عمرو بن العاص، وله طرق ومتابعات فيها بعض الاختلاف الذي
لا يضر.

<<  <  ج: ص:  >  >>