فبان بهذا أنَّ الإجماع لا يكون معتبرًا مؤثرًا إلا بعد موته.
ولا يجوز كذلك نسخ الإجماع بإجماع آخر؛ لأنه يستحيل انعقاده على خلاف إجماع آخر، إذ لو انعقد لكان أحد الإجماعين خطأ؛ لأنَّ الأول إن لم يكن عن دليل خطأ، وإن كان عن دليل كان الثاني خطأ لوقوعه عل خلاف الدليل.
ولا يجوز نسخ الإجماع بالقياس؛ لأنَّ القياس لا يكون على خلاف الإجماع، لأنه يشترط في القياس أن لا يكون مخالفًا لنص أو إجماع، فعند مخالفة الإجماع للقياس يكون القياس باطلًا، فلا يكون حجة، وعليه فلا يكون ناسخًا للإجماع.
المذهب الثاني: أنَّ الإجماع يكون منسوخًا، ذهب إلى ذلك طائفة من العلماء.
ودليلهم: أنَّ العلماء إذا اختلفوا على قولين، فهو إجماع على أنَّ المسألة اجتهادية يجوز الأخذ بكليهما، ثم يجوز إجماعهم على أحد القولين، فإذا أجمعوا بطل الجواز، أي لم يجز العمل بالقول الآخر، وحينئذ يكون الإجماع الثاني ناسخًا لما دل عليه الإجماع الأول من جواز العمل بكل واحد من القولين، وبذلك يكون الإجماع الثاني ناسخًا للإجماع الأول.