المذهب الأول: أنَّ الإجماع لا يكون منسوخًا، وهو رأي الجمهور.
وذلك لأنَّ النسخ لا يكون إلا في عهد النبوة، والإجماع لا يكون إلا بعد عهد النبوة، ويلزم من ذلك أنَّ حكم الإجماع لا ينسخ.
وبيان ذلك: أنَّ النسخ لا يكون إلا في عهد النبوة؛ لأنَّ النسخ رفع للحكم وإبطال له، وذلك إنما يكون في عهد النبوة؛ لأنه زمن الوحي الرافع للأحكام، وبعد انقراض عهد النبوة يستقر الشرع، فلا يجوز تغيير شيء منه، ولا يبقى إلا اتباع ما انقرض عليه عصر النبوة.
وأما أنَّ الإجماع لا يكون إلا بعد عهد النبوة؛ فلأنَّ الاعتماد في زمن النبوة على قول النبي ﷺ لعصمته، ولا اعتبار بغيره؛ لأنه إذا حكم بحكم، فالأمة إما أن توافق فلا أثر لموافقتها؛ لأنَّ قول النبي ﷺ هو المستقل بإثبات الحكم، أو تخالف فلا اعتبار بمخالفتها؛ بل تكون عاصية بمخالفتها.
(١) انظر قواطع الأدلة (٢/ ٧٠٨، ٧٠٩)، المستصفى (١/ ٢٩٣)، إرشاد الفحول (٢/ ٦٣١)، وما بعدها.