للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله به بين هذا الشرط والجزاء في هذه الآية صحيح لا يمكن تخلفه بحال، فمن ادعى انفكاكه، وأنه يمكن النسخ بدون الإتيان بخير أو مثل، فهو مناقض للقرآن مناقضة صريحة لا خفاء بها، ومناقض القاطع كاذب يقينًا لاستحالة اجتماع النقيضين، صدق الله العظيم، وأخطأ كل من خالف شيئًا من كلامه (١).

وقال الشافعي: وليس ينسخ فرض أبدًا إلا أثبت مكانه فرض، كما نسخت قبلة بيت المقدس، فأثبت مكانها الكعبة. قال: وكل منسوخ في كتاب الله سبحانه وسنة نبيه هكذا (٢).

قال الصيرفي وأبو اسحاق المروزي: وإنما أراد الشافعي بهذه العبارة كما نبه عليه الصيرفي في شرح الرسالة، وأبو إسحاق المروزي في كتاب الناسخ أنه ينقل من حظر إلى إباحة، أو إباحة إلى حظر، أو يجري على حسب أحوال المفروض، ومثله بالمناجاة، وكان يناجى النبي بلا تقديم صدقة، ثم فرض الله تقديم الصدقة، ثم أزال ذلك، فردهم إلى ما كانوا عليه، وهذا الحمل هو الذي ينبغي تفسير كلام الشافعي به، فإنَّ مثله لا يخفى عليه وقوع النسخ في هذه الشريعة بلا بدل، ولا شك في أنه يجوز ارتفاع التكليف بالشيء، والنسخ مثله؛ لأنه


(١) انظر المذكرة للشنقيطي (١٣٤).
(٢) انظر الرسالة للشافعي فقرة (٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>