الدليل الثالث: أنه لا يمتنع عقلًا أن تكون المصلحة في نسخ الحكم دون وضع بدل عنه، أي أنَّ الله تعالى علم أنَّ نسخ هذا الحكم مصلحة، ولا مصلحة في إثبات بدل له.
وقد اعترض على الدليل الأول من وجهين:
١ - قالوا: لا نسلم أنَّ الصدقة بين يدي النجوى قد نسخت لا إلى بدل؛ لأنه سبحانه يقول في الآية الناسخة: ﴿فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [المجادلة: ١٣]، فكانت هذه الأشياء بدل الصدقة.
٢ - أنَّ الادخار من لحوم الأضاحي، وتقديم الصدقة بين يدي مناجاة الرسول ﷺ نسخ ببدل خير منه، وهو التخيير بين الصدقة تطوعًا ابتغاءً لما عند الله وبين الإمساك عن ذلك، كما يدل عليه قوله تعالى: ﴿فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ [المجادلة: ١٣].
وأجيب:
١ - أنه ليست هذه أبدالًا؛ لأنها كانت واجبة قبل ذلك بموجب أصل التكليف، وإنما معنى الآية: إذ لم تفعلوا فارجعوا إلى ما كنتم عليه أولًا من إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وطاعة الرسول ﷺ.
٢ - أنَّ الاستحباب أتى من أصل التشريع لا بنص جديد.