فنوديت يا إبراهيم ما لذا خلقت ولا بذا أمرت، قال: فلم أر شيئاً فقلت: فعل الله بالشياطين وركضت فرساً ثانية فنوديت يا إبراهيم ما لذا خلقت ولا بذا أمرت، قال فنظرت يمنة ويسرة فلم أر شيئاً، فركضت فرساً فنوديت من قربوس حظي يا إبراهيم والله ما لذا خلقت ولا بذا أمرت، فقلت هذا نذير من رب العالمين، قال فنزلت عن فرسي وتركت ثيابي التي علي وأخذت من بعض رعائنا ما لبسته، وخرجت فأرض ترفعني وأرض تضعني حتى خرجت إلى بلاد الرمال، فعملت بها أياماً فلم يصف لي شيء من (١) الحلال فقالوا لي إن أردت الحلال فعليك بطرسوس، قال فخرجت إلى بلدة يقال لها طرسوس قال وعملت فيها أياماً في بستان لرجل، قال فدخل علي بعد أيام صاحبه قال فنادى يا نطور، قال فجئته برمانة فكسرها فوجدها حامضة، فقال: أنت مذ كذا وكذا في بستاننا تأكل فاكهتنا لا تعرف الحلو من الحامض قال فقلت والله ما أكلت من فاكهتكم ولا أعرف الحلو من الحامض، قال فقال لي: لو أنك إبراهيم بن أدهم!!
ما زاد على هذا، قال: وكان فوج يدخل من باب البستان، وفوج يخرج، فخرجت في الفوج الذي كان يخرج من البستان فلم أعد إليه، فهذا كان أوائل أمري وخروجي من بلاد خراسان إلى بلاد الرمال.
* * *
(١) من ليست موجودة في الأصل ولا يستقيم الكلام إلا بها.