للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إني أسألك رائحة الجنة التي أعددتها لأوليائك المتقين في جنات النعيم وتبادرت دموعه على لحيته فقلت: يا أبا علي هذا أمير المؤمنين واقف يسلم عليك، فرفع رأسه وقال: إنك لهو يا حسن الوجه ونظر إلى الرشيد وهو يبكي فقال له: اعلم أن الأحكام قد سلبت فضيلة العقل وظهر في الملة والذمة عدوان الأمرين، وهو في صحيفة تدرج معك في كفنك ليوم النشور فقد بدت لك شرعة نفاد ما أنت فيه فيمن تقدمك من آبائك ثم نهض وقال: الله أكبر: فقلت يا أمير المؤمنين: أما إذا افتتح الصلاة فليس فيه حيلة، وانصرفنا فقال لي الرشيد وهو خارج: لولا خجلي منك قبلت ما بين عينيه فقلت والله: لوددت أنك فعلت.

قرأت على أبي الغنايم محمد بن علي القاضي عن القاضي أبي الفرج الجزيري، حدثنا أبو نصر العقيلي أخبرنا أبو القاسم البوشنجاني قال: قال الحسن بن عبد الجبار المعروف بالغرق بينا المأمون في بعض مغازيه يسير منفرداً عن أصحابه ومعه عجيف بن عنبة إذ طلع رجل متخبط متكفن، فلما عاينه المأمون وقف ثم التفت إلى عجيف فقال: ويحك أما ترى صاحب الكفن مقبلاً يريدني. فقال له أعيذك بالله يا أمير المؤمنين، قال: فما كذب الرجل أن وقف على المأمون فقال له المأمون من أردت يا صاحب الكفن وإلى من قصدت؟ قال: إياك أردت. قال عرفتني؟ قال: لو لم أعرفك ما قصدتك قال: أفسلمت علي؟ قال: ما أرى السلام عليك. قال: ولم؟ قال لإفسادك علينا الغزاة. قال عجيف: فأنا ألين من سيفي لئلا أبطئ ضرب عنقه إذ التفت المأمون فقال: يا عجيف إنني جائع ولا رأي لجائع، فخذه إليك حتى أتغدى وأدعو به فقال فتناوله عجيف فوضعه بين يديه فلما صار المأمون إلى رحله دعا بالطعام فلما وضع بين يديه أمر برفعه وقال والله ما أسيغه حتى أناظر خصمي يا عجيف علي

<<  <   >  >>