للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يقيمك، قال: فرفع بهلول رأسه إلى السماء ثم قال: يا أمير المؤمنين أنا وأنت من عيال الله، فمحال أن يذكرك وينساني، قال: فأسبل هارون السجاف ومضى.

أخبرنا أبو القاسم منصور بن النعمان بن منصور الصيمري فيما كتب لنا به بالفسطاط بإسناده إلى سفيان بن عيينة قال: قال الرشيد: أريد أن ألقى الفضيل بن عياض لعل الله يحدث لي عظة أنتفع بها فقلت: والله إن ذلك لحبيب إلي ولكنه رجل قد نذر نفسه لخدمة الله ﷿ فما لأحد فيه حظ، وأكره أن تراه منصرفاً في بعض حالاته من عبادة ربه ﷿ فتوهم عليه جفاء وإن كنت والله أعرفه الرجل الكريم العشرة الحسن الخلق يوهم من شاهده من لينه ودماثة أخلاقه أنه داخل في حكم العيافة فقال لي: ما عزمت على لقائه حتى وطنت نفسي على احتمال مشاهدتي له في أخلاقه، ثم قال: ويحك يا سفيان إن شرف التقوى لا يزاحم عليه بإمرة ولا خلافة فأديت ذلك إلى الفضيل فقال: إنه لحسن العقل لولا ما ضرب به من حب هذا العاجل، ويسرني أن يلقاني ويسؤوني أيضاً.

فأما ما يسرني من لقائه فأرجو أن يكون له فيه بعض الكبحات عن غيه وأما الذي يسؤوني فيه فلم أر مثله يرفل في سوابغ النعم عرياناً من الشكر، ثم قطب بين عينيه ثم قال: ما قدر من كان لله عاصياً؟ لا حاجة لي في لقائه. فلم أزل أرفق به حتى أذن له. فرجعت إلى الرشيد فأعلمته وقلت له: ليس تطمع فيه إلا في وقت إفطاره وكان إفطاره كاختطاف الطير حبة فركب الرشيد ولبس مبطنه وطيلسانا وغطى رأسه ومعه مسرور الخادم وأنا فقرعت عليه الباب فنزل وفتح ودخل ودخلت معه ووقف مسرور على الباب فسلم عليه الرشيد قائما فشم منه الفضيل رائحة المسك فقال اللهم

<<  <   >  >>