الطعام وإفشاء السلام وتوقي الأدناس واجتناب المعاصي صغيرها وكبيرها. قلت فما السخاء؟ قال: جهد المقل. قلت: ما البخل؟ قال: أف وحول وجهه عني فقلت لم تجبني بشيء؟ قال: بلى قد أجبتك. قال ابن أبي فديك: وقدم أمير المؤمنين هارون إلى المدينة فأحب أن ينظر إليه فأخلي له مسجد الرسول ﷺ فوقف على قبر النبي ﷺ ووقف على منبره وفي موضع (٢) جبريل ﵇ ثم قال: قفوا بي على أهل الصفة حتى أنظر إليه يعني أبا نصر فلما أتاهم حرك هارون أبا نصر بيده فرفع رأسه وهارون واقف فقيل يا أبا نصر هذا أمير المؤمنين واقف عليك فرفع رأسه إليه فقال له: أيها الرجل إنه ليس بين الله وبين أمة نبيه ورعيتك خلق غيرك وإن الله سائلك فأعد للمسألة جواباً فقد قال عمر بن الخطاب رحمة الله عليه: لو ضاعت سخلة على شاطئ الفرات لخاف عمر أن يسأله الله عنها فبكى هارون وقال: يا أبا نصر إن رعيتي ودهري غير رعية عمر ودهره فقال له أبو نصر: هذا والله غير مغن عنك، فانظر لنفسك فإنك وعمر تسألان عما خولكما الله، ثم دعا هارون بصرة فيها مئة دينار فقال ادفعوها إلى أبي نصر، فقال: وهل أنا إلا رجل من أهل الصفة؟ ادفعوها إلى فلان يفرقها عليهم ويجعلني رجلاً منهم.
قرأت على أبي بكر بن علي الحافظ أخبرك بكران بن الطبيب السقطي بحر جرايا قال: حدثنا محمد بن أحمد بن محمد المفيد قال: حدثنا أبو المغيرة بن شعيب قال: حضرت يحيى بن خالد البرمكي يقول لابن السماك إذا دخلت على أمير المؤمنين هارون الرشيد فأوجز ولا تكثر عليه، فلما دخل عليه وقام بين يديه قال يا أمير المؤمنين إن لك بين يدي
(٢) في الأصل: وفي موضع قبره جبريل. وعلى حرف القاف من قبره علامة التمريض وهي الضبة.