للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

داود بن رشيد. قال: دخل ابن السماك على هارون الرشيد فقال: عظني وأوجز فقال: ما أعجب يا أمير المؤمنين ما نحن فيه كيف غلب علينا حب الدنيا. وأعجب ما نصير إليه كيف غفلنا عنه. عجباً لصغير حقير إلى فناء يصير غلب على كثير طويل دائم غير نافد.

قرأت في كتاب العقد لأحمد بن محمد بن عبد ربه أن ابن السماك لما دخل على هارون ووقف بين يديه قال له: يا ابن السماك عظني وأوجز، فقال: كفى بالقرآن واعظاً يا أمير المؤمنين قال الله ﷿: ﴿ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون﴾ فهذا وعيد لمن طفف في الكيل فما ظنك بمن أخذه كله.

قرأت على الخطيب الحافظ أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي بدمشق قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يوسف البراز وأبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله المعدل قال أحمد حدثنا وقال علي أخبر علي بن محمد المصري قال: حدثنا محمد بن عمرو بن خالد، قال حدثنا أبي قال: بعث هارون أمير المؤمنين إلى محمد بن السماك في آخر شعبان فأحضر فقال له يحيى بن خالد: أتدري لم بعث إليك أمير المؤمنين؟ قال: لا أدري. قال له: بعث إليك لما بلغه من حسن دعائك للخاصة والعامة وثنائهم عليك فقال له ابن السماك: أما ما بلغ أمير المؤمنين عني من ذلك فبستر الله الذي ستره علي ولولا ستره لم يبق ثناء ولا بقاء (١) على مودة، والستر هو الذي أجلسني بين يديك، ثم قال في رواية أخرى: يا أمير المؤمنين في عيوب لو أطلعت الناس منها على عيب واحد ما بقيت لي في قلب أحد مودة، وإني لخائف من الكلام الفتنة ومن


(١) في الأصل: البقاء.

<<  <   >  >>