للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك خوفا عليه من القتل، فشق عليه ذلك. فلما صلى العشاء نزل من القلعة على حين غفلة، وقدامه عدة فوانيس ومشاعل، ومعه أولاد عمه وبعض خاصكية نحو من مائة خاصكي، فتوجه إلى السد وفتحه تحت الليل، ثم توجه إلى سد قنطرة قديدار ففتحه أيضا ثم عاد إلى القلعة، وكل هذا تحت الليل. فلما طلع النهار وجد الناس الماء في الخلجان والبرك قد غمرت بالمياه فتعجبوا من ذلك. وما وقع قط في الجاهلية ولا في الإسلام أن السد فتح بالليل. وقد قطع على الناس فرحتهم بيوم الوفاء، وما كان فيه من القصف والفرجة المعتادة. وفي هذه الواقعة يقول الناصري محمد بن قانصوه بن صادق:

منذ للسلطان قالوا … للورى بالكسر جبر

كسر السد بليل … فغدا للناس كسر

وفيه توجه السلطان إلى قناطر أبي المنجا، وفتح سدها أيضا، فعد ذلك من النوادر.

وفيه ضرب السلطان الكرة بالحوش في غير موكب. وكان معه بعض أمراء الطبلخانات والعشراوات، منهم الأمير طومان باي الدوادار الثاني فاقتحم على أخذ الكرة من السلطان، فحنق منه السلطان وضربه على ظهره بالصولجان غير ما مرة، فكان ذلك من جملة ما حقده طومان باي، حتى كان سببا لقتله عن قريب.

وفيه مر السلطان من بين القصرين بعد العشاء فرأى شخصا ماشيا في السوق، وقد خرج من الحمام، فقيل له هذا الرجل سكران، فوسطه ولم يفحص عن أمره، وراح ذلك الرجل ظلما. وكان الناصر قد تزايد شره في تلك الأيام إلى الغاية.

وفيه نادى السلطان لسكان بركة الرطلي بأن يوقدوا بها وقدة سبع ليال متوالية فامتثلوا ذلك.

وصار ينزل في المراكب، ويطوف البركة هو وأولاد عمه، وإن رأى امرأة جميلة في بيتها هجم عليها، وطلع لها من الطاق، وأخذها غصبا، وضرب زوجها بالمقارع في وسط بيته. فارتاب الناس منه، وبقي على رؤوسهم طيرة.

وفيه من الحوادث أنه أشيع بين الناس أن السلطان عمل له برقا حافلا بتربة أبيه، وقد عول على أن يسافر في الدس إلى نحو البلاد الشامية بسبب أقبردي الدوادار ليكون له عونا على نصرته ودخوله إلى مصر، وكان الناصر له عناية بأقبردي ظاهرا وباطنا. فلما بلغ الأمراء ذلك توجهوا إلى المكان الذي فيه السنيح ونهبوه إلى آخره، وضربوا الغلمان الذين تعينوا إلى السفر مع السلطان. وكادت أن تكون فتنة مهولة بسبب ذلك، وقصدوا أن يلبسوا آلة السلاح، ويثيروا فتنة عظيمة، ثم سكن الأمر قليلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>