للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على فرس حرون، فصادف جنازة في وجهه فجفل منها فرس ذلك المملوك ووقع على الأرض، فقام وهاش وضرب الحمالين الذين كانوا يحملون الميت. فلما عاين ذلك الحمالون، ألقوا الميت على ورض، وهربوا. فلما هربوا وقع المملوك في الميت، وضربه بالدبوس، حتى اشتفى. وصار الميت ملقى على الأرض إلى آخر النهار. وقد جرت هذه الواقعة في سويقة صفية.

وصار الطعن عمالا، والمماليك جائزة في حق الناس بالأذى حتى قلت في ذلك هذه المداعبة، وهي قولي:

قد قلت للطعن والمماليك … جاوزتما الحد في النكاية

ترفقا بالورى قليلا … في واحد منكما كفاية

وكأن الناس على ما ذكرناه من هذه الأفعال الشنيعة، والملك الناصر في طيشانه ولعبه.

وفيه نزل الناصر إلى بولاق، ليلة سيدي إسماعيل الأمبابي، رحمه الله تعالى ورضي عنه، وشق البحر في مركب ومعه جماعة من العوام يغنون على النداء والإجهار، وكان معهم أولاد عمه وهما جانم وأخوه جاني بك، وأحرق تلك الليلة ببولاق حراقة نفط عظيمة، وبات في المركب تلك الليلة وكانت من الليالي المشهورة، وفعل مثل ذلك عدة مرار.

وفيه مات بالطاعون شاه بضاع بن دلغادر أمير التركمان، وكان مقيما بالقاهرة.

وفيه جاءت الأخبار بأن العسكر الذين توجهوا إلى مواجهة أقبردي، قد تبعوه إلى عين تاب، وتقاتلوا معه هناك، ووقع بينهم واقعة عظيمة، فانكسر أقبردي كسرة مهولة، وقتل من عصبته جماعة كثيرة، منهم أينال السلحدار نائب حلب الذي كان معه، وقتل لعلي دولات معه ولدان، وقتل من الخاصكية والمماليك الذين كانوا معه جماعة كثيرة. وقد حاربه كرتباي الأحمر نائب الشام أشد المحاربة، وكان قد توجه إليه صحبة العسكر، إلى عين تاب، حتى تحارب معه وانكسر وهرب، وطلع على جبل الصوف … وقل:

إنه لما انكسر وصعد على جبل الصوف توجه إلى نحو الفرات بمن معه من الأمراء والمماليك.

*****

<<  <  ج: ص:  >  >>