وفي رجب ظهر الطاعون بالقاهرة ومات بها جماعة.
وفيه تخوفت خوند أصل باي أم الناصر على ولدها من خاله قانصوه، وكانت المماليك قد التفت عليه، فأحضرت المصحف العثماني بين يديها في قاعة العواميد، وحلفت عليه أخاها قانصوه، وابنها الملك الناصر محمد، بوفاء كل منهما لصاحبه، ولم تفد تلك الأيمان شيئا.
وفيه خرج خاير بك بن قانصوه البرجي، قاصدا إلى ابن عثمان، فخرج في تجمل زائد، وصرف في هذه الحركة مالا له صورة.
وفيه توفي الشيخ داود المالكي، وكان من أعيان علماء المالكية، من أهل العلم والدين، وكان لا بأس به.
*****
وفي شعبان تزايد أمر الطاعون بالديار المصرية، ومات من المماليك والأطفال والعبيد والجواري جانب. فلما كثر الموت في المماليك صنع السلطان ثلاثين نعشا برسم من يموت بالقلعة، وحصل بذلك النفع.
وفيه توفي أينال الفقيه الحسني الظاهري جقمق أحد الأمراء الطبلخانات حاجب ثاني، وكان دينا خيرا لا بأس به.
وفيه وقعت نادرة غريبة، وهي أن شخصا من المماليك السلطانية مات وغسل وكفن، ووضع في نعشه، وحمل ليدفن … فبينما هو في أثناء الطريق اضطرب وتحرك في أكفانه، فوضع على الأرض، وحلوا أكفانه، فاستوى قائما، وعاش بعد ذلك مدة.
وفيه توفي العزي عبد العزيز بن البرهان، وكان من مشاهير الناس لا بأس به، ومات بالطعن.
وفيه من الحوادث أن الصوفية الذين بالخانقاه البيبرسية ثاروا على شيخهم الشيخ جلال الدين الأسيوطي، وكادوا أن يقتلوه، ثم حملوه بأثوابه ورموه في الفسقية، وجرى بسبب ذلك أمور يطول شرحها. وكان طومان باي الدوادار محطا عليه، فلما تسلطن فيما بعد، اختفى الشيخ جلال الدين الأسيوطي، في مدة سلطنته، حتى كان من أمره ما سنذكره.
وفيه خلع السلطان على ماماي جوشن، وقرره في الحجوبية الثانية.
وفيه صارت معاملة الفلوس الجدد بالعدد، وبطل أمر وزنها بالميزان.
وفيه تزايد شر المماليك، وجاروا على الناس بخطف القماش من الدكاكين، والبضائع من الأسواق، وصاروا يستخفون بالسلطان والأمراء. قيل: إن بعض المماليك كان راكبا