وفيه حضر هجان من عند السلطان، وأخبر أن السلطان خرج من الشام بعدما جلس بالقصر الذي بالميدان، وحكم بين الناس، وارتفعت الأصوات له بالدعاء وخلعت الأمراء على الهجان. ثم حضر عقيب ذلك هجان ثان، وأخبر بأن السلطان خرج من غزة، وهو قاصد الديار المصرية، فشرعت الأمراء في الخروج على ملاقاة السلطان ثم جاءت الأخبار بأن السلطان وصل إلى قطيا.
*****
وفي شوال جاءت الأخبار بأن السلطان قد وصل إلى الصالحية. وصلى بها صلاة العيد، وهو عيد الفطر. فعند ذلك خرج الأتابكي أزبك والأمير يشبك الدوادار، وبقية الأمراء قاطبة، إلى ملاقاة السلطان. ثم وصل إلى الخانقاه، فخرج إليه القضاة والعسكر بأجمعهم، ونودي في القاهرة بالزينة، فزينت زينة حافلة.
فلما كان يوم الخميس رابع شوال، دخل السلطان إلى القاهرة في موكب حافل، وقدامه القضاة الأربعة، والأمراء والعسكر، على ما جرت العادة به في المواكب، وكان له موكب عظيم ويوم مشهود، إلى أن طلع إلى القلعة، ففعلت له خوند ما يناسب الملوك، إلى أن دخل الحوش، فمدت الأسمطة إلى الغاية، ثم انتهت فخلع على من كان مسافرا صحبته.
ولما وصل السلطان على الفرات، قدم عليه شخص من أولاد حسن الطويل، وهو ابن محمد أعزلو بن حسن الطويل، وكان شابا جميل الصورة له من العمر نحو من ثماني عشرة سنة، فخافت عليه أمه أن يقتله أعمامه، فجاءت به إلى السلطان، فحضر به إلى القاهرة وحظي عنده. وكان عند مروره من القاهرة قدامه ساعيا كالملوك والأمراء.
واستمر بمصر حتى مات كما سيأتي الكلام عليه. وكان اسمه حسين بك وقيل مرزاه وهو المشهور عند الناس.
ولما رجع السلطان من هذه السفرة عظم أمره جدا، وكان انتهاء سفره إلى الفرات، وكشف على عدة قلاع بنفسه، ودخل الشام وحلب وطرابلس وحماة، وغير ذلك من البلاد الشامية. ودخل عليه من النواب وأعيان الماس جملة تقادم وأموال لها صورة. وعدت هذه السفرة من النوادر الغريبة.
وكانت مدة غيبة السلطان في سفرته نحوا من أربعة أشهر. وفي هذه الواقعة يقول الشيخ محمد اب الزيتوني هذه القطعة الزجل، وهي من محاسن هذا الفن، كلها غرر وجناس تام، وهو هذه: