في هذا الأمر أشياء غريبة يطول الشرح في ذكرها، وبعض الناس كان يحط عليه في أفعاله، وهو يسمع كلامه بأذنه ممن يسأله.
وفيه توفى جاني بك المشد، وكان موته فجأة بعد أن صلى التراويح، وكان قد شاخ وكبر سنه. وأصله من مماليك الأشرف برسباي، وولي شادية الشراب خاناه في دولة الأشرف اينال. ثم بقي مقدم ألف، ونفى إلى دمياط في دولة الظاهر خشقدم، ثم حضر إلى القاهرة في دولة الأشرف قايتباي ومات بها وهو طرخان.
وفيه كان ختم البخاري بالقلعة على العادة. وفرقت الخلع والصرر على الفقهاء.
وفيه فشا أمر الطاعون بالقاهرة، وهذا هو الطاعون الثاني الذي وقع في دولة الأشرف قايتباي.
ومات به في الشهر المذكور القاضي عبد الكريم ابن جلود، وهو عبد الكريم بن أبي الفضل بن اسحاق القبطي، وكان رئيسا حشما، وولى كتابة المماليك بعد أبيه، وكان في حداثة سنة لم يلتح، وباشرها أحسن مباشرة. وكان له حرمة وافرة، وكان مولده قبل السبعين والثمانمائة.
وفيه توفى قانصوه رفرف، وكان من أعيان الخاصكية مقربا عند السلطان، شابا مليح الشكل، حسن الهيئة، كثير الأدب والحشمة، عارفا بالفروسية، وكان لا بأس به.
*****
وفي شوال تزايد أمر الطاعون، وفتك بالمماليك والأطفال والعبيد والجواري والغرباء فتكا ذريعا. وكان طاعونا مهولا يموت فيه الإنسان من يومه.
وفيه يقول الشهاب المنصوري رحمه الله تعالى:
لهفى على مصر وولدانها … أضحوا إلى الموت يساقونا
ما نشر الفصل سهام الردى … عليهم الا طواعينا
وفيه حضر دولات باي النجمي الأشرفي، حاجب الحجاب بدمشق، وكان السلطان قد تغير خاطره عليه. ولما حضر خلع عليه، وأظهر له الرضا.
وفيه وصل السيد الشريف علي بن بركات أخو أمير مكة المشرفة، وكان حصر قبل ذلك إلى القاهرة، فمشى السلطان بينه وبين أخيه بالصلح. وتوجه إلى مكة المشرفة، فأقام