فنزل من القلعة وهو في موكب حافل، ففي ذلك اليوم أشهر المناداة في القاهرة بأن الفلوس الجدد كل فلسين بدرهم فحصل للسوقة غاية الضرر بسبب ذلك.
ثم إن القاضي بكرات بن موى المحتسب ضمن الشهابي أحمد بن الجيعان، وأفرج عنه من الترسيم، وكان له مدة في الترسيم كما تقدم، ونزل إلى منزله.
وفيه عزم الأمير سنان على ملك الأمراء فنزل إليه ملك الأمراء فمد له مدة حافلة، وحضر أيضا الأمير خضر فأقام ملك الأمراء عنده إلى قريب الظهر، وركب من عنده وطلع إلى القلعة.
وفيه رسم ملك الأمراء بشنق ثلاث أنفس، وكان ذنبهم أنهم سرقوا شيئا يسيرا من الخيار الشنبر فشنقوا بسبب ذلك وراحوا ظلما.
وفي يوم الاثنين ثالث عشرية، أنفق ملك الأمراء على العسكر جامكية ثلاثة أشهر، وأخر لهم ثلاثة لأنهم كان لهم ستة أشهر مكسورة لم تصرف.
وفي ذلك اليوم قطع ملك الأمراء جوامك كثير من الجراكسة وأولاد الناس، وصرف لهم بحكم النصف، فجعل لكل واحد ألف درهم، ويصير طرخانا، فشق ذلك على المماليك الجراكسة، وكان فيهم من هو كفء للأسفار والتجاريد، وفيهم من هو شاب بطل، وكذلك أولاد الناس.
وفي أواخر هذا الشهر حضر أولاق من إسطنبول في البحر المالح إلى الإسكندرية، ثم قدم إلى مصر وطلع إلى ملك الأمراء، وعلى يده مرسوم من عند السلطان سليمان ابن عثمان، فكان من مضمونه أن الواصل إلى الديار المصرية الذي يسمى سيدي جلبي هو أعظم قضاة السلطان سليمان وأكبرهم، وأن السلطان سليمان رسم بإبطال القضاة الأربعة الذين بمصر، ويصير قاضي العسكر الذي هو قادم يتصرف في الأحكام الشرعية على المذاهب الأربعة، وأن سائر النواب والشهود تبطل قاطبة، ويقتصر الأمر على أربعة نواب من كل مذهب نائب لا غير، وكل نائب يقتصر على اثنين من الشهود لا غير، وأن النواب الأربعة يكونون في الصالحية لا غير، وأن لا أحد يعقد عقدا، ولا يوقف وقفا ولا يكتب وصية ولا عتقا ولا إجارة ولا حجة ولا غير ذلك من الأمور الشرعية حتى تعرض على قاضي العسكر بالمدرسة الصالحية دائما.
فلما وقف ملك الأمراء على مرسوم السلطان سليمان ابن عثمان، أرسل يقول للقضاة الأربعة اصرفوا الرسل عن أبوابكم، والنواب قاطبة والولكلاء، والزموا بيوتكم إلى أن يحضر قاضي العسكر، حسبما رسم به السلطان سليمان ابن عثمان. فامتثلوا ذلك وصرفوا