للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما كان يوم السبت ثالث عشرة، صلى ملك الأمراء صلاة الفجر، ونزل من القلعة وتوجه إلى تربة العادلي التي بالريدانية، فجلس على المصطبة التي هناك، وسلم على الأمير جانم الحمزاوي، ثم أحضر الخلعة التي أرسلها له السلطان سليمان ابن عثمان باستمراره على نيابة مصر، فقام ولبسها، وقيل الأرض نحو القبللة، وكانت الخلعة بتماسيح مذهب على أحمر. ثم قصد الدخول من باب النصر، وشق من القاهرة، فاصطفت له الناس على الدكاكين بسبب الفرجة، وأوقدت له الشموع على الدكاكين، وعلقت له القناديل والثريات، ولم تزين له القاهرة في ذلك اليوم. وكان سبب ذلك أنه بلغ ملك الأمراء أن السلطان سليمان قد مات له ولد ذكر مراهق، فمنع الزينة بسبب ذلك.

فلما وصل إلى قبة الأمير يشبك الدوادار، لاقته الأمراء الجراكسة قاطبة، ولاقته القضاة الأربعة، وهم: كمال الدين الطويل الشافعي، ونور الدين علي الطرابلسي الحنفي، ومحي الدين الدميري المالكي، وشهاب الدين أحمد الفتوحي الحنبلي. ولاقته الأمراء العثمانية. وهم الأمير عمي، والأمير خير الدين نائب القلعة، والأمير نصوح، وغير ذلك من الأمراء العثمانية. وخرج إليه طائفة الأصباهية وأمراؤها، والكواخي من أغوات الإنكشارية، ومشى قدام الإنكشارية قاطبة والكملية قاطبة وهم يرمون بالنفوط، ولاقاه أعيان الشرقية وهم: الأمير أحمد بن بقر أمير طائفة جذام وأمير الرايتين، ومشايخ عربان الغربية وهم: حسام الدين بن بغداد، وشيخ العرب واصل بن الأحدب أمير هوارة، وشيخ العرب إسماعيل بن أخي الجويلي، وشيخ العرب جربيش، وآخون من عربان الشرقية والغربية، ومشى قدامه النصارى بالشموع الموقدة.

ودخل الأمير جانم الحمزاوي وعليه خلعة السلطان سليمان بن عثمان، وهي مخمل مذهب. فلما دخل من باب النصر نزل القاضي بركات بن موسى عن فرسه، ومشى بالعصا قدام ملك الأمراء من باب النصر إلى أن طلع إلى القلعة. وكذلك الجمالي يوسف نقيب الجيش، ولاقته الشعراء بالدف والشبابة السلطانية، فلما وصل إلى مدرسة الناصر نثر عليه الحلواني الذي هناك شيئا من الفضة، فقال له مالك الأمراء: كتر الله خيرك، فلما وصل إلى باب سوق الوراقين أطلقوا له محاجر البخور بالعود القماري وركزوا له الطبول والزمور والمغاني من النساء والرجال في عدة أماكن من القاهرة، وانطلقت له النساء من الطيقان بالزغاريت، وأوقدت له الشموع على الدكاكين، ولا سيما تجار الوراقين فإنهم أوقدوا له موكبيات شمع كبار مذهب، وصار ملك الأمراء يسلم على الناس كلما مر عليهم يمينا وشمالا، فارتفعت له الأصوات بالدعاء من الناس قاطبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>