للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما تقدم، فوقفوا وشكوه إلى ملك الأمراء ثانيا، فتغير خاطره على سيدي عمر واحتد منه، فأرسل إليه نقيب الجيش، فقال له رسم ملك الأمراء بأن تقوم في هذه الساعة وتتوجه إلى دمياط، فاستمر عنده حتى كتب وصيته، وقام وركب من وقته وتوجه إلى بولاق، ونزل في مركب وسارت به إلى نحو دمياط، فهذا كله بسبب الفلاحين من صلابة سيدي عمر وقوة رأسه، وقلة درايته، حتى اتسعت هذه الحادثة بينه وبين ملك الأمراء على هذا الأمر الفشروي الذي لم يستحق هذا كله، ووقعت له هاتان الكائنتان في شهر واحد، فشق ذلك على ملك الأمراء وعلى الناس قاطبة فوقع له البهدلة من ملك الأمراء مرتين، الأولى بسجنه في العرقانة، والثانية بنفيه إلى دمياط، وركوبه على بغلة وهو متوجه إلى بولاق، فلما جرى ذلك توجه عيال سيدي عمر إلى بيت الملكة خاتون عمة السلطان سليمان بن عثمان، وتراموا عليها في أن تشفع عند ملك الأمراء في عود سيدي عمر من النفي، فأرسلت إلى ملك الأمراء ولدها مصطفى بك، فشفع عنده في سيدي عمر بأن يعود إلى داره، فقبل شفاعة الملكة خاتون، ورسم يعود سيدي عمر إلى منزله، فعاد بعد ما سار في البحر يوما وليلة، فلما عاد تخلقت عياله بالزعفران ودقت له على بابه الطبلخانات والزمور، وهنئوه بالسلامة.

وفي سلخ شهر رمضان حضر الدفتردار محمد ابن إدريس الذي كان توجه إلى دمياط والبرلس وبقية الثغور، بسبب جبي الأموال التي أضيفت إلى خزائن مولانا السلطان سليمان، فلما وصل إلى بولاق نزل إليه ملك الأمراء ولاقاه من خهناك، واستمر معه حتى أوصله إلى منزله.

*****

وفي شهر شوال كان عيد الفطر يوم الاثنين، وقد ثبتت رؤية الهلال بعشر، فإن هلال رمضان ثبت على يد القاضي زكريا أحد نواب الشافعية، وشك الناس في ذلك، وقالوا إن ذلك اليوم الذي صاموه كان أخر يوم من شعبان، فوقع الشك بسبب ذلك، وما لاقى القاضي زكريا خيرا من الناس بسبب أن هلال رمضان ثبت عنده وكانت الميقاتية حكموا بأنه لا يرى في ذلك الليلة أبدا.

فلما كان هلال شوال أرسل ملك الأمراء يقول للقاضي الشافعي، أنتم أثبتم هلال رمضان على أربع درج وقد شك الناس في ذلك، فما تفعلون في هلال شوال؟ فأرسل يقول له قاضي القضاة الشافعي، هلال رمضان قد ثبت حقا، وقامت به البينة وزكيت، وغدا من شوال محقق.

<<  <  ج: ص:  >  >>