للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عشرين ذراعا، فكان هذا النيل أنقص من النيل الماضي بذراع وثلاث أصابع، وكان نيلا شحيحا من مبتدأ زيادته إلى حين هبوطه. وقد شرق غالب البلاد، واشتد أمر الغلاء بالديار المصرية، وتكالبت الناس على مشترى القمح، وارتفع القمح من السواحل، وصار إذا وصلت مركب قمح لا تباع ولا تشترى إلا بإفراج من عند المحتسب، ولو كان ضيافة أو من الخراج، فحصل للناس الضرر الشامل، وارتجت القاهرة بسبب منع القمح، ووقع الاضطراب الشديد فكادت أن تكون غلوة كبيرة.

وفي يوم الأحد ثامن عشره توفي شخص من الأمراء الطبلخانات يقال له: ماماي الصغير، ودفن في المدرسة الغورية.

وفي يوم الاثنين تاسع عشره خرج المحمل الشريف من القاهرة في تجمل عظيم، وكان أمير المحمل الأمير جانم كاشف منفلوط والبهنسا، فطلب طلبا حافلا على العادة القديمة كعادة الأمراء المقدمين، وخلع على الأمير باباي أحد الأمراء العشراوات، واستقر به في مشيخة الحرم النبوي عوضا عن الشرفي يحيى بن البرديني بحكم انفصاله عنها، وكان قاضي المحمل في تلك السنة الشيخ فتح الدين أبو الفتح الوفائي المالكي أحد النواب بل من أعيانهم، فحصل للحاج به غاية النفع. ولم يحج في هذه السنة من الأعيان إلا القليل، وكان أكثر الحجاج فلاحين، وريافة من البلاد.

*****

وفي شهر ذي القعدة، وكان مستهله يوم السبت، طلع القضاة الأربعة وهنأوا ملك الأمراء بالشهر ثم عادوا إلى دورهم. وفي يوم مستهله وقع لقاضي القضاة الحنفي الطرابسلي بين يدي ملك الأمراء بعض توبيخ بسبب نائبه كمال الدين بن زريق، وقد انكشف رخه في مكتوب ظهر أنه زوره وجرى بذلك أمور يطول شرحها، فحصل للقاضي بعض مقت من ملك الأمراء، فما وسعه إلا أنه عزل كمال الدين بن زريق بحضرة ملك الأمراء عزلا مؤبدا ما دام حيا، وانفض المجلس على ذلك.

وفي ذلك اليوم رسم ملك الأمراء بإشهار المناداة في القاهرة بسبب المعاملة في الذهب والفضة فأطلق أربعة مشاعلية، في القاهرة ومصر العتيقة، أن الأشرفي الذهب العثماني والغوري يصرف بخمسين نصفا من غير زيادة على ذلك، وأن الأشرفي الذي هو ضرب جمال الدين يصرف باثنين وأربعين نصفا، وأن الفضة على حالها لا يرد منها إلا النصف المكشوف، وكل من خالف فيذلك شنق من غير معاودة، فسكن الاضطراب قليلا بهذه المناداة بعد ما كان أشيع بإبطال هذه المعاملة كلها، وتخسر الناس من أموالها الثلث،

<<  <  ج: ص:  >  >>