للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسطنبول، فلما تغير خاطره عليه أخرجه من إسطنبول، على غير صورة مرضية وهو في غاية ما يكون من البهدلة، ونفاه إلى مكان عسر يسمى السبع قلبات، قيل: إن بيته وبين إسطنبول سبعة أيام، وهو المكان الذي يضع فيه الخنكار أمواله وتحفه لكونه في غاية التحصين.

وقد اختلف في سبب تغير خاطره عليه … فمن جملة الأقوال أن أولاد ابن عمه خليل رافعوه بسبب إقطاع الخلافة أن يعطيهم منها الثلث ويأخذ هو الثلثين فأبى من ذلك. الثاني أن الخليفة طاش هناك وصار ينهم العيش جهارا، واشترى له جواري يضربن له بالجنوك، وفتك في البسط والانشراح غاية الفتك، فبلغ ذلك الخنكار فتغير خاطره عليه، وكان الوزراء مساعدين أولاد عمه خليل، ومحطين على الخليفة. الثالث أن جماعة كثيرة من أهل مصر ممن كان بإسطنبول، تسحبوا من هناك، منهم بدر الدين ابن القاضي كمال الدين ناظر الجيش، وتسحب آخرون من الأعيان، فخشيت الوزراء أن الخليفة يتسحب من هناك فضيقوا عليه والله أعلم.

*****

وفي شهر شوال كان عيد الفطر يوم الخميس، فطلع القضاة الأربعة وصلوا مع ملك الأمراء صلاة العيد، وخطب بهم قاضي القضاة الشافعي خطبة بليغة، وكان موكب العيد موكبا حافلا.

وفي يوم الأحد رابع شوال، جلس ملك الأمراء بالدهيشة، وأرسل خلف القضاة الأربعة، وأرسل خلف أعيان التجار ومشايخ الأسواق بسبب أمر المعاملة في الذهب والفضة، فلما تكامل المجلس قام ملك الأمراء ودخل الأشرفية التي بجوار الدهيشة، ودخل معه القضاة الأربعة، وأرسل خلف الأمراء العثمانية، وهم قرا موسى، وفرحات، وخير الدين نائب القلعة، والقاصد الذي حضر صحبة الأمير جانم الحمزاوي، فلما دخلوا إلى الأشرفية لم يدخلها غير هؤلاء، ولم يأذن للأمراء الجراكسة بالدخول معهم.

ثم أن القاصد أخرج مرسوم الخنكار الذي أرسله صحبة الأمير جانم الحمزاوي، فأجلس القضاة الأربعة على أربعة كراسي، وأجلس الأمراء العثمانية على أربعة كراسي، وقرئ عليهم مرسوم الخنكار، وذلك على طريقة النسق العثماني، وكانت ألفاظ ذلك المرسوم باللغة التاركية. فكان من مضمونه ما أشيع بين الناس أنه قد أرسل يأمر ملك الأمراء بالتوصية بالرعية غاية الوصية، وأن يصرف للمماليك الجراكسة جوامكم ولحومهم وعليقهم على العادة القديمة. وأرسل يقول لملك الأمراء أن يتوصى بأولاد الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>