للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي يوم السبت سادس عشريه قدمت الأخبار بأن الأمير جانم الحمزاوي قد وصل إلى قطيا، وقد تقدم القول أنه كن توجه إلى السلطان سليم خان ابن عثمان، وصحبته تقدمة حافلة من عند ملك الأمراء إلى الخنكار بن عثمان، فلما قابله أكرمه وخلع عليه، وقبل منه تلك التقدمة فأقام هناك مدة. ثم أن ابن عثمان رسم للأمير جانم بعوده إلى مصر، وكان أكثر الناس جزموا بعدم عوده إلى مصر، فجاء الأمير بخلاف ذلك. فلما أشيع وصوله إلى قطيا خرج أعيان الناس إلى ملاقاته، وخرج الأمير ناصر الدين محمد المهمندار والأمير برسباي الدوادار وسائر المباشرين قاطبة.

فلما كان يوم الأحد سابع عشري رمضان ختم صحيح البخاري بالقلعة على العادة، وفرقت الصرر على الفقهاء، ومن له عادة، وخلع على قضاة القضاة.

وفي يوم الاثنين ثامن عشريه، دخل الأمير جانم الحمزاوي إلى القاهرة ونزل بتربة العادلي.

وفي يوم الثلاثاء تاسع عشريه نزل ملك الأمراء من القلعة، وتوجه إلى تربة العادلي، ونزل على المصطبة التي هناك، ولبس خلعة الخنكار التي أرسلها له على يد الأمير جانم الحمزاوي باستمراره في النيابة بمصر، وهي قفطان بتماسيح على مخمل أحمر، فركب من هناك ودخل من باب النصر، وشق من القاهرة في موكب حافل، وقدامه جماعة من الأمراء الجراكسة، ومن الأمراء العثمانية، والعساكر الأصباهية والانكشارية مشاة يرمون بالنفوط، ولاقاه طائفة من النصارى وبأيديهم الشموع موقدة، ولاقاه الشعراء والشبابة السلطانية.

ولما وصل إلى قبة الأمير يشبك التي في رأس الحسينية لاقاه القضاة الأربعة، فكان القاضي الشافعي عن يمينه، والحنفي عن يساره، والمالكي والحنبلي قدامه، والأمير جانم الحمزاوي قدامه، عليه قفطان مخمل مذهب كان ألبسه له الخنكار فاستمر في ذلك الموكب إلى أن طلع إلى القلعة وكان يوما مشهودا. فكانت مدة غيبة الأمير جانم الحمزاوي. فكانت مدة غيبة الأمير جانم الحمزاوي في إسطنبول عند الخنكار ستة أشهر، وقيل: إنه قابل الخنكار فيها مرة واحدة.

وأما ترجمة الأمير جانم الحمزاوي فهو جانم بن يوسف بن أركماس السيفي قاني باي الحمزاوي نائب الشام، كان من أعين أبناء الناس، وقد رقي في دولة ملك الأمراء خاير بك حتى صار صاحب الحل والعقد بمصر، وصار في مقام أمير كبير بمصر.

ولما استقر الأمير جانم الحمزاوي في داره أشيع بين الناس أنه أخبر أن الخنكار بن عثمان تغير خاطره على الخليفة محمد بن يعقوب المتوكل على الله الذي توجه إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>