وفيه قبض ملك الأمراء على شخص من اليهود الصيارفة، من جماعة المعلم يعقوب اليهودي، فضربه بالمقارع ثم قطع يده وعلقها في عنقه، وأشهره في القاهرة … وكان سبب ذلك ما أشيع عنه أنه يشتري الفضة النحاسة المغشوشة، ويضعها في الجامكية، وقد قلق العسكر من ذلك.
وفي يوم الخميس ثاني عشريه، كان دخول الشرفي يحيى ابن الأمير طراباي رأس نوبة النوب على ابنة الأمير بيبرس ابن بنت سيرين، ولست أعلم اسم أبيه ولا جده، وهو يزعم أنه ينتسب إلى الملك الظاهر برقوق بقوله، فكان كما يقال في المعنى:
شبهته مثل العقاب فأمه … معلومة وله أب مجهول
فكان له مهم حافل من المهمات المشهورة، فصرف على المحبوز في السماط ألف دينار، وذبح فيه اثنتي عشرة بقرة، ومن الخيل ثلاثة أرؤس، ومن الغنم مائة رأس، ومن الدجاج ألف طير، ومن الأوز مائتي زوج، وصرف على الشمع المزهر مائة دينار، وصرف على الخيام والتعاليق أربعين دينار، وعلى السقائين عشر أشرفيات، وكان له زفة حافلة مشى فيها جماعة من الأمراء الجراكسة والأمراء العثمانية، فمشوا فيها من بيت الأمير قايتباي الدوادار إلى بيت القاضي عبد العظيم الذي عمل فيه العرس وكانت ليلة حافلة. وفيه رسم ملك الأمراء بشنق شخص من عمال البلاد، فشنق على قنطرة الحاجب بعد العصر، وكان سبب ذلك ما أشيع عنه أنه زور مراسيم على لسان بعض المباشرين باستخراج الرزق التي بالغربية، فلما بلغ ملك الأمراء ذلك أرسل أحضره، فلما حضر أمر بشنقه من يومه، فشنق بعد العصر وأراح الله الناس منه.
*****
واستهل شهر جمادى الآخرة بيوم الجمعة، فطلع القضاة الأربعة إلى القلعة وهنأوا ملك الأمراء بالشهر، ثم عادوا إلى دورهم.
وفي يوم الاثنين رابعه قدم قاصد من البحر المالح وعلى يده مراسيم من عند السلطان سليم خان بن عثمان، فكان من مضمونها: أنه أرسل يطلب الأمير كمشبغا والي القاهرة، وقد بلغه ما فتحه من أبواب المظالم بمصر، وقد كثرت فيه الشكاوى من الناس عند الخنكار، فطلبه من ملك الأمراء عدة مرار، وهو يتناسى عليه، فلما رأى الطلب حثيثا في أمره، فما وسعه إلا أن أرسله، فخرج على وجهه في أثناء هذا اشهر، وسافر إلى إسطنبول من البر دون البحر. وكان من وسائط السوء ظالما غشوما، عسوفا سفاكا