للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل لما ملك العرب مدينة الإسكندرية جاءت الروم إلى قسطنطين بن هرقل، وقالوا له:

"أتترك الإسكندرية في أيدي العرب وهي مدينتنا الكبرى؟ ". فتوجه قسطنطين إلى الإسكندرية في ألف مركب مشحونة بالرجال المقاتلين، فلما وصل إلى قرب الإسكندرية بعث الله تعالى عليهم ريحا عاصفا فأغرقت تلك المراكب كلها بمن فيها من الرجال ولم ينج منهم أحد. وأما قسطنطين ملك الروم فألقته الريح بصقلية فسأله أهلها عن أمره فأخبرهم بأمر الريح وتغريق المراكب فقالوا له:" قد أفنيت من بقى من عسكر الروم وجئت إلينا، فلو دخلت العرب إلى بلادنا لم يجدوا من يردهم ". فاجتمع عليه أهل صقلية وقتلوه وكفى الله المؤمنين القتال.

قال ابن وصيف شاه:" لما فتح عمرو بن العاص مدينة الإسكندرية أقام بها مدة ورجع إلى مصر، فاجتمع رأيه بأن يبني هناك مدينة ظاهر قصر الشمع، فابتدأ ببناء مدينة وسماها مدينة الفسطاط، وسبب تسميتها بمدينة الفسطاط أن عمرو بن العاص لما فتح مصر نزل بمن معه من العربان في القضاء ونصب هناك فسطاط، فلما قصد التوجه إلى الإسكندرية أمر بنزع ذلك الفسطاط فوجدوا عليه عش يمامة وقد أفرخت عليه، فقال عمرو بن العاص: "دعوا الفسطاط - يعنى الخيمة - مكانه لا تهدوه احتراما لليمامة التي قد عششت عليه".

فلما توجه إلى الإسكندرية وفتحها، وقصد الرجوع إلى مصر قالوا له لما دخل إلى مصر: "في أي مكان تنزل؟ ". فقال في مكان تركت به الفسطاط، أي الخيمة. فلما بنى هناك هذه المدينة سميت مدينة الفسطاط بسبب ذلك. وكانت الفسطاط مدينة عظيمة جليلة بها عدة مساجد وحمامات وطواحين ومعاصر، وكان أولها من حدرة ابن قميحة وآخرها عند الرصد. ولم تزل هذه المدينة عامرة ساكنة إلى دولة الفاطمية إلى خلافة العاضد بالله، فحرقت عندما استولى الفرنج على الديار المصرية كما سيأتي ذكر ذلك في موضعه في أخبار الدولة الفاطمية.

قال إبراهيم بن وصيف شاه: "إن في سنة إحدى وعشرين من الهجرة كان فتح مدينة دمياط على يد المقداد بن الأسود ، وكان ملك هذه المدينة شخصا من القبط يقال له الهاموك خال المقوقس صاحب مصر. وكان للهاموك ولد يسمى شطا، فرأى النبي في المنام، وأسلم تلك الليلة، ودلهم على مسالك المدينة فاستولوا عليها ليلا وملكوها فقاتل معهم شطا قتالا شديدا حتى قتل في المعركة، وكان قتله في ليلة الجمعة في النصف من شعبان من سنة إحدى وعشرين من الهجرة ودفن خارج دمياط في مكان قتل به، وقبره يزار إلى الآن رحمة الله عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>