للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي بالقرب من غزة، وكان من أمره ما كان مع الأمير أقبردي الدوادار، وقطع رأسه هناك وأرسلها إلى الناصر محمد بن الأشرف قايتباي، وعلقت على باب زويلة، فكان أمر وجوده من الأمور المستحيلة التي لا تقبلها العقول السليمة بعد هذه المدة الطويلة.

*****

وفي شهر ذي الحجة، وكان مستهله يوم الخميس، طلع القضاة الأربعة وهنوا ملك الأمراء بالشهر ثم عادوا إلى دورهم.

فلما كان يوم السبت ثالثه، نزل ملك الأمراء إلى الميدان وجلس به، وأحضر مماليك الأشرف قايتباي، ثم أحضر ذلك الشخص الذي زعم أنه قانصوه خمسمائة، فإذا هو شخص أعجمي مربوع القامة، أبيض اللحية، وله ذؤابة شعر في رأسه. فقال ملك الأمراء للحاضرين من مماليك الأشرف قايتباي: أهذا قانصوه خمسمائة الذي كنتم تعهدونه؟ فقال العسكر قاطبة: ليس هذا قانصوه خمسمائة، وهذا قصير القامة أخضر اللون. ثم أن ملك الأمراء ضيق على ذلك الشخص الذي زعم أنه قانصوه خمسمائة، فقال له ملك الأمراء:

ما حملك على ذلك؟ قال: الفقر والفاقة وقلة ما في اليد. فلما اعترف بذنبه رسم ملك الأمراء بتوسيطه، ثم بدا له أن يضرب عنقه بين يديه في الميدان، فضرب عنقه ومضى أمره، ثم أحضروا له تابوتا فحملوه فيه ليغسلوه ويكفنوه ويدفنوه. فخمدت هذه الإشاعة التي أشيعت بسبب قانصوه خمسمائة. وكان غالب الناس الذين ليس لهم عقول صدقوا بذلك، وقد تبين أن ذلك الرجل نصاب شيطان، أخذ من ابنة قانصوه خمسمائة، خمسمائة دينار. ويقول لها: أنا أبوك، وكان ينصب على الناس ويقول لهم: أنا قانصوره خمسمائة، ويبلصهم غير ما مرة، فأراح الله الناس منه.

وفي يوم الخميس ثامنه، خرجت تجريدة إلى الأزلم تلاقي الحجاج، وكان بها نحو مائة مملوك، وكان الباشا عليهم كاشف الشرقية وصحبته جماعة من الانكشارية يرمون بالبندق الرصاص وكان الباشا عليهم شخص من العثمانية.

وفي يوم السبت عاشره، كان عيد النحر، وكانت الأضحية في غاية الغلو، وقد لا توجد، فلم يضح من الناس إلا القليل. وكان اللحم البقري يباع في تلك الأيام بنصف فضة كل رطل، فلم يفرق ملك الأمراء على أحد من الناس أضحية في هذه السنة، وقطع أضحية الزواية قاطبة، وعادة الفقهاء والأتراك قاطبة، كما فعل في السنة الماضية.

وفي يوم الأحد ثامن عشره، نزل ملك الأمراء من القلعة وعدى بر الجيزة، وتوجه إلى نحو شبرامنت على سبيل التنزه، فأقام هناك من يوم الأحد إلى يوم الثلاثاء، وأخذ معه

<<  <  ج: ص:  >  >>