للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأشيع أنه لما دخل إلى إسطنبول دخل في موكب حافل فأقام نحو ستة أيام، ورحل عنها وتوجه إلى بلد من أعمال مملكته يقال لها: أدرنة فأقام بها. وسبب ذلك أنه لما دخل إلى إسطنبول وجد بها فناء عظيما، وقد فتك بها الطاعون فتكا عظيما، ومات به من عسكره ما لا يحصى. وقيل: مات من أهل مصر ممن توجه إلى إسطنبول نحو من ثمانين إنسانا، منهم أعيان وغير أعيان، ولكن لم أقف على حقيقة أسماء من مات هناك من الأعيان. وسيظهر فيما بعد من توفي هناك من الأعيان.

ومن العجائب أن الفلكية وأرباب النجوم حكموا بأن سليم شاه بن عثمان ما بقي يدخل إلى بلده إسطنبول، فكذبهم الله تعالى فيما قالوه، ودخلها وأقام بها أياما، وبطلت أقوالهم الكاذبة، كما يقال في المعنى:

لا ترقب النجم في أمر تحاوله … فالله يفعل … ولا جدي ولا حمل

مع السعادة ما للنجم من أثر … فلا يضرك مريخ ولا زحل

وقيل: بلغ الخنكار أن شاه إسماعيل الصفوي طرد عسكر ابن عثمان عن البلاد التي كان ملكها، واستناب بها جماعة من العثمانية، فطردهم الصفوي عن بلادهم واستخلصها من أيديهم. فلما بلغ ابن عثمان ذلك خرج من إسطنبول مسرعا، وأقام بأدرنة حتى يرى ما يكون من أمر شاه إسماعيل الصفوي. هكذا أشيع بين الناس والله أعلم بحقيقة ذلك.

وفي يوم الخميس مع ليلة الجمعة تاسع عشر شهر رمضان، صنع الزيني بركات بن موسى مسايرة حافلة، وركب معه جماعة من المباشرين، فشق من القاهرة بعد صلاة العشاء بأربعين درجة، وقدامه انكشارية وقواسة ومشاة بفوانيس ومشاعل كثيرة. فانطلقت له النساء بالزغاريت من الطيقان، وارتفعت له الأصوات من العوام بالدعاء. وكانت من الليالي المشهورة، وارتجت له القاهرة في تلك الليلة، وكان محببا للناس قاطبة.

وفيه وقع من الحوادث أن شخصا من العثمانية كان في خان الخليلي قد قبض على شخص من العوام زعم أنه سرق من جيبه أربعة أنصاف، فلما قبض عليه طلع به إلى ملك الأمراء، فلما أوقفه بين يديه قص عليه قصته وما فعله به في خان الخليلي، وأنه قبض على يده وهي في جيبه، وأخذ من جيبه وهو ماش أربعة أنصاف. فلما سمع ملك الأمراء ذلك رسم للوالي أن يقطع يده، فقطع يده وعلقها في رقبته وأشهره في القاهرة.

فتأسف الناس عليه كيف قطعت يده على أربعة أنصاف، وقد راحت ظلما!

<<  <  ج: ص:  >  >>