وفي يوم الاثنين تاسع الشهر كانت وفاة الشيخ الصالح القطب العارف بالله تعالى، الورع الزاهد الناسك، الشيخ محيي الدين عبد القادر ابن الشيخ الصالح العارف بالله تعالى حسن، ابن الشيخ الصالح العارف بالله تعالى بدر الدين، المدعو شرف الدين موسى الدشطوطي، رحمة الله عليهم أجمعين، وكان الشيخ عبد القادر شافعي المذهب مجذوبا واعيا، وكان مكشوف الرأس، وكان دائما شعره في رأسه وعلى جسده جبة خشنة دائما.
وكان سواحا لا يتخذ له سكنا ولا زوجة ولا ولدا ولا عيالا. وكان يتغذى بالقراقيش والزعتر دائما. وكان لا يأكل طعام اللحم إلا قليلا. وكان مهيبا معظما عند الملوك والسلاطين وأعيان الناس، وكانت رسالته عندهم لا ترد. وكان في أواخر عمره حصل له كفاف في عينيه واستمر على ذلك حتى مات. وقد عاش من العمر نحو ثمان وثمانين سنة أو فوق ذلك.
وكان محببا للناس، وكانت النذور التي تدخل عليه من عند الأكابر ينشئ بها جوامع بخطب ومساجد. وله عدة جوامع ومساجد في أماكن شتى. ولما توفي ارتجت له القاهرة، ونزل ملك الأمراء والعثمانية والأمير قايتباي الدوادار والقضاة الأربعة وأعيان الناس وأرباب الدولة، وخرج نعشه من بيت المعلم حسن الصياد المهندس خارج باب الشعرية، ورفعت له الأعلام على نعشه، وحضر أطفال المكاتب وعلى رؤوسهم المصاحف، ومشوا حول نعشه، واستمر على ذلك حتى وصل إلى مدرسته التي أنشأها تجاه سيدي يحيى البلخي فدفن بها، وكانت جنازته حافلة، رحمة الله عليه، وكان بقية السلف من الأولياء.
وفي هذا الشهر قبض ملك الأمراء على يوسف البدري الوزير، ورسم عليه وعلى زوجته وعلى عياله وغلمانه وحاشيته، وقرر علي يوسف البدري ما لا له صورة، وعلى زوجته وجماعته، وتمادى أمره في المصادرة حتى ذهب ما يملكه جميعا من صامت وناطق، حتى باع أثاث البيت من قطارمين وزلع، حتى الحصر وغير ذلك … واستمر في المصادرة نحو شهرين هو وزوجته وهما في الترسيم وعياله، وآخر الأمر أرسلوه إلى اسطنبول، وسيأتي الكلام على ذلك في موضعه.
وفيه نادى ملك الأمراء في القاهرة للمباشرين والعمال بأنهم لا يستخرجون من بلاد الشرقية والغربية عن سنة أربع وعشرين وتسعمائة شيئا إلا بمرسوم من عند ملك الأمراء، فاضطربت أحوال المسلمين والمباشرين. وكثر بينهم القيل والقال بسبب ذلك.
وفي يوم الجمعة ثالث عشرة، الموافق لسابع عشري مسرى، وفي النيل المبارك الست عشرة ذراعا ولم يزد من الذراع السابعة عشرة شيئا، فلم يفتح السد في ذلك اليوم.