وفيه حضر الزين طيلان رأس نوبة، وكان توجه إلى مكة المشرفة من البحر المالح صحبة مصلح الدين بك والشهابي أحمد بن الجيعان، وكان أشيع عنه أنه توجه إلى اسطنبول مع جملة من توجه هناك، فلم يصح ذلك، وإنما كان توجه إلى مكة وحصر من البحر المالح أيضا.
وفيه توفي العلائي علي بن طوغان الذي كان دوادار الأشرف قانصوه خمسمائة، وكان من أعيان أولاد الناس، وكان رئيسا حشما لين الجانب سيوسا في أفعاله، وقاسى في آخر عمره وشدائد ومحنا بسبب قانصوه خمسمائة.
وفيه حضر قاصد من عند السلطان سليم شاه، فلما حضر أشيع بين الناس أن السلطان مقيم بحلب، وأن شاه إسماعيل الصفوي متحرك على ابن عثمان، وهو في جمع كبير من العساكر، وأن ابن عثمان أخذ حذره منه. وأشيع بين الناس أن نائب الشام جان بردي الغزالي تحايل على ناصر الدين بن الحنش شيخ الأعراب والبقاع وغير ذلك من جهات دمشق. فلما تحايل عليه وتمت حيلته عليه قتله وقتل شخصا آخر من مشايخ العربان يقال له ابن الحرفوش. وكان ناصر الدين بن الحنش كثير العصيان على نواب حلب، بل وعلى سلاطين مصر أيضا. وكان له ملك ابن عثمان دمشق امتنع من المقابلة به، فتحايل عليه جان بردي الغزالي حتى أخذه بغتة وقتله وحز رأسه هو وابن الحرفوش، وأرسل رأسيهما إلى ابن عثمان وهو بحلب، فعد ذلك من جملة سعد بن عثمان ولولا تحيل الغزالي على قتل ابن الحنش بحيلة صعدت من يده لما قدر على قتله ابن عثمان أبدا، وقد عجز عن ذلك سلاطين مصر.
وفيه أشيع أن الخنكار سليم شاه لما توجه إلى حلب أرسل سيدي محمد بن السلطان الغوري إلى اسطنبول من هناك، وأرسل صحبته آخرين من أمرائه يتحفظون به إلى أن يدخل إلى اسطنبول وأشيع أن الخنكار لما دخل إلى حلب أقام بها مدة وحصن سورها وأبراجها وأبوابها، وعمر فيها ما يحتاج إليه من العمارة، وقتل من أهل حارة بانقوسة جماعة من شرار أهلها، وقيل وزع على جماعة من أعيان حلب مالا له صورة، وعمل فيهم البطيط، فلما بلغه أن شاه إسماعيل الصفوي يقصد أن يزحف على البلاد الحلبية أخذ يتلاقى خواطر أهل حلب ورفع عنهم ما أحدثه عليهم من المظالم وقد تقدم القول أن ابن عثمان لما كان مقيما بدمشق طرقه قصاد الصفوي على حين غفلة من طريق غير الطريق السالكة، وهي أسربة قليلة السالك، وهي طريق يقال لها الحلوية بالقرب من تدمر، فما شعر ابن عثمان إلا وهم بين يديه، فقال لهم:"لم لا أتيتم من الطرق السالكة" فقالوا له: إن شاه إسماعيل الصفوي أرسل إليك عدة قصاد، ونوابك الذين في البلاد يقتلونهم، فقال لنا: