للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي يوم الاثنين رابع عشري ربيع الأول، وافق ذلك اليوم دخول أول يوم من الخماسين وهو يوم عيد النصارى وفطرهم، ومن جملة أنعام الله تعالى أنه لم يقع في هذه الخماسين طاعون بمصر ولا غيرها من البلاد.

وفي ذلك اليوم كانت وفاة صاحبنا الناصري محمد بن منكلي بغا، وكان موته فجأة، وكان لطيف الدان، فكه المحاضرة حسن العبارة في كلامه، رقيق الطباع، عشير الناس

وكان لا بأس به.

وفي هذا الشهر حضر الناصري محمد المعروف بابن الورد لاعب الشطرنج، وكان بالشام من حين أرسل خلفه السلطان سليم شاه، وكان السلطان أرسل له مبلغا له صورة يتسفر به، فلما توجه إلى الشام وجد الحنكار غير منشرح بسبب الصفوي، فأقام مدة بالشام ثم استأذن السلطان في عوده إلى مصر، فأذن له بالعود إلى مصر، فأخبر الناصري محمد بن الورد أن قصاد الصفوي قدموا على ابن عثمان وهو بالشام من مكان غير الطريق السالكة، فما شعر بهم ابن عثمان إلا وهم بين يديه، فدفعوا إليه مطالعة من عند الصفوي، وتقدمة حافلة، فلما قرأ تلك المطالعة وجد فيها عبارة لطيفة، وألفاظا رقيقة تتضمن أمر الصلح بينه وبين الصفوي، ونعته بنعوت عظيمة في المطالعة. فلما قرأ المطالعة اضطرب لذلك، وقال هذا كله مخادعة من الصفوي حتى يبطل عزمي عن ملاقاته، ثم يطرقني على حين غفلة، كما فعلت أنا مع السلطان الغوري. فرحل من الشام على الفور، وقصد التوجه إلى حلب، وقل لوزرائه: أنا أعلم من حيل إسماعيل الصفوي ومخادعته ما لا تعلمونه، فكان كما يقال في المعنى:

توقع كيد من خاصمت يوما … ولا تركن إلى ود الأعادي

فإن الجرح ينكث كل حين … إذا كان البناء على فساد

ثم أشيع أن ابن عثمان لما دخل إلى حلب أخذ في أسباب تحصين المدينة، ثم قبض على جماعة من أهل بانقوسة ممن كان مشهورا بالفساد، فشنق منهم جماعة. ثم أشيع أنه صادر جماعة من أهل حلب، وأفرد عليهم الأموال الجزيلة، وحصل لأهل حلب منه ومن عساكره غاية الضرر، والأمر لله.

*****

<<  <  ج: ص:  >  >>