وفي يوم السبت ثالث عشرية خرج شيخ العرب بيبرس بن بقر أخو عبد الدائم وصحبته الشيخ أبو الحسن بن الشيخ أبي العباس الغمري يسعون بين عبد الدائم وبين أبيه الأمير أحمد وبين إخوته بالصلح. وأشيع أن ملك الأمراء خاير بك أرسل صحبتهما خلعة إلى عبد الدائم لعله يقع الصلح على أيديهما، وكذا جرى.
*****
وفي يوم السبت مستهل شهر ربيع الأول حضر جانم الحمزاوي دوادار ملك الأمراء خاير بك، وقد تقدم القول على أنه كان توجه إلى الشام عند السلطان سليم شاه ابن عثمان ببشارة قتل قاسم بك بن عثمان، فلما أخبر سليم شاه بذلك سر إلى الغاية. وأشيع أنه أنعم على جانم الحمزاوي بنيابة ثغر الإسكندرية، ثم رسم له بالعود إلى القاهرة، وأرسل على يده خلعة إلى ملك الأمراء خاير بك في استمراره بنيابة السلطنة بمصر على عادته، وأرسل خلعة إلى الأمير قايتباي الدوادار، وقيل إلى كمشبغا والي القاهرة لكونه قبض على قاسم بك ابن عثمان. فلما وصل القاصد صحبه جانم الحمزاوي إلى الريدانية بات في تربة العادلي.
وفي هذا اليوم نزل ملك الأمراء خاير بك من القلعة وصحبته الأمير قايتباي الدوادار والأمراء العثمانية الذين بمصر، وطائفة من الانكشارية والأصباهية وغير ذلك من الطوائف الذين تركهم ابن عثمان بمصر، وصحبتهم جماعة كثيرة من الأمراء الجراكسة والمماليك الجراكسة الذين ظهروا بمصر كما تقدم. وخرج الجم الكثير من العساكر العثمانية وفيهم من يرمي بالنفوط. فتوجه إلى تربة العادلي وجلس على المسطبة التي هناك. ثم إن ملك الأمراء خاير بك لبس القفطان المخمل المذهب الذي أرسله له السلطان سليم شاه بن عثمان، فأشيع ذلك اليوم أن ابن عثمان جعله مستمرا على نيابته بمصر على عادته، وأن يجعل السكة والخطبة باسمه، فلم تصح هذه الإشاعات فيما بعد.
ثم إن ملك الأمراء ركب من هناك ودخل من باب النصر وشق من القاهرة في موكب حافل وقدامه قضاة القضاة. وموجب ذلك أن هذا اليوم كان مستهل الشهر، فتوجهت إليه القضاة هناك ليهنوه بالشهر. فلما رجع إلى القاهرة رجعوا صحبته وركبوا قدامه إلى أن طلع إلى القلعة، وركب قدامه أيضا أعيان المباشرين، ولاقته النصارى بالشموع في أيديهم من باب النصر. فلما وصل إلى بين القصرين ومر على بيت الأمير قايتباي الدوادار نثرت على رأسه كبشة جيدة من الفضة، فتخاطفتها الناس.