للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجيشية، ونضع أيدينا على خراجها في هذه السنة في نظير شراقي البلاد" فطلعوا إلى ملك الأمراء خاير بك، وعرضوا عليه ذلك وحسنوا له عبارة في استخراج خراج الرزق في هذه السنة في نظير الشراقي، فقال لهم: "انزلوا افعلوا ذلك". فنزلوا من عنده، وأطلقوا في الناس النار، وأرسلوا العمال بالمراسيم إلى البلاد ليستخرجوا منها الأموال من الرزق التي بالمربعات قاطبة، حتى الرزق الأحباسية، ولو كان الرزقة تشتري بمربعة شريفة، فضجت أولاد الناس والنساء الأرامل من هذه الحادثة المهولة، وحصل الضرر الشامل للأرامل والأيتام، والله تعالى لا يغافل ولا ينام.

وصار الناس يقفون إلى ملك الأمراء خاير بك، ويشكون إليه ذلك، فيقول لهم: "أنا أوقفت المناشير والمربعات بأمر الخنكار ابن عثمان"، فنزلوا من عنده في أسوأ حال، وصاروا يسألون الأستادار بمال يدفعونه له حتى يفرج عن رزقهم، فلا يجيبهم ولا يقضي لهم حاجة.

ثم إن فخر الدين بن عوض - لا جزاه الله خيرا - استدرج من الرزق إلى خراج بلاد الأوقاف التي كانت بالمكاتيب الشرعية، فصار يستخرج خراج الأوقاف ويأكله على أصحابه رغما عن أنفهم، فحصل للناس في هذه الحركة غاية الضرر الشامل، وقد اشتد الأمر على الناس بسبب ذلك، وكل هذا من المباشرين وأذاهم في حق المسلمين، وقد قلت في المعنى مواليا:

كان ابن عثمان مذ جا مصر مثل الضيف … رحل وولى علينا كل صاحب حيف

مباشرين يجوروا في الشتاء والصيف … أطراف أقلامهم تفعل مثل فعل السيف

وفي يوم الأحد ثاني عشري ذي القعدة، خرج الأمير قايتباي الدوادار، وعدى إلى بر الجيزة، وخرج صحبته جماعة كثيرة من العثمانية، ومعهم مكاحل نحاس ومدافع نحاس وعجل، وقد أشيع أن عدة قبائل من العرب نزلوا على الجيزة فافتتنوا مع عرب عزالة، وحصل منهم غاية الفساد. فخرج الأمير قايتباي وصحبته تجريدة وعسكر من الجراكسة بسبب العربان وطردهم عن البلاد فخرج وقام في بر الجيزة إلى أن يتكامل العسكر.

وفي يوم الاثنين ثالث عشرية، اجتمع المماليك الجراكسة في بيت الأمير قايتباي الدوادار - وهو بيت الأتابكي قرقماس الذي عند حوض العظام - واجتمع القاضي شرف الدين الصغير كاتب المماليك، ولم يكن الأمير قايتباي الدوادار حاضرا، بل حضر أخوه جان بك. فأنفقوا على المماليك الجراكسة لكل واحد منهم ألفا درهم. وصاروا يستوعبونهم

<<  <  ج: ص:  >  >>