في لبس سقمان أو طرطور أو قفطان … وكن مع القوم في الملبوس والأوطان
وفي يوم الأحد ثامن الشهر، نزل ملك الأمراء خاير بك من القلعة باكر النهار، وتوجه إلى نحو قبة الأمير يشبك الدوادار التي بالمطرية، وأقام هناك إلى آخر النهار، ومد في ذلك اليوم مدة حافلة، وأهدت إليه جماعة من المباشرين مجامع حلوى، ومنشآت فاكهة، وسكر وخرفان شوي، وأقفاص أوز ودجاج، وغير ذلك أشياء فاخرة، على أعناق الحمالين وظهور الدواب، وكان يوما سلطانيا. ولم يتم حتى وقعت حادثة … وهي أنه في ذلك اليوم بعد العصر، نزل جماعة من العربان من نحو الجبل الأحمر، بالقرب من سبيل علان، فقطعوا الطريق على جماعة من الفلاحين معهم جمال محملة قمحا وبطيخا، فأخذوا منهم نحو أربعين جملا، وذهبوا بها إلى الجبل، ومضوا بها ولم تنتطح فيها شاتان. فلما بلغ ملك الأمراء ذلك تنكد غاية النكد بسبب ذلك، فلما ذهبت العرب بالجمال أتى الفلاحون إلى ملك الأمراء واستغاثوا بين يديه وبكوا، فقام من وقته وهو منكد، وطلع إلى القلعة بعد العصر، ولم يخرج من يده شيء في رد الجمال من أيدي العربان إلى أصحابها.
وفي يوم الثلاثاء عاشر ذي القعدة حضر إلى الأبواب الشريفة شيخ العرب عبد الدائم بن شيخ العرب أحمد بن بقر - شيخ عربان الشرقية - وقد حضر بالأمان من ملك الأمراء خاير بك، وكان أرسل عليه منديل الأمان على يد الأمير قانصوه العادلي كاشف الشرقية. فلما توجه إليه صار يتلطف به في الكلام ويخادعه، ولا زال به حتى أطاع وحضر صحبته.
وكان عبد الدائم عاصيا على السلطنة من أيام السلطان الغوري لم يدخل تحت طاعة، ثم عصي على ابن عثمان، فلما أرسل إليه خاير بك قانصوه العادلي بالأمان، حضر وقابل خاير بك، وصحبته تقدمة ما بين خيول وجمال وأغنام، فلما مثل بين يدي ملك الأمراء خاير بك خلع عليه قفطانا مخملا ونزل من القلعة في موكب حافل، وقدامه رايات زعفران.
وكان عبد الدائم هذا من أكبر المفسدين في الشرقية، فخرب غالب بلاد الشرقية، ونهب أموالها، وقطع الطريق على القوافل الواردة من الشام في مدة فتنة ابن عثمان، وأخذ ما لا يحصى من أموال التجار، وقتل جماعة من المماليك السلطانية، وأخذ ما كان معهم من الخيول والسلاح، وكذلك الأمراء الجراكسة لما وقعت عليهم الكسرة في الريدانية وتشتتوا في بلاد الشرقية. فصار يأخذ ما عليهم من الثياب، والسلاح والخيول وغير ذلك، وجمع أموالا وتحفا لم تجمع لآبائه ولا أجداده، وقد غنم أموالا التجار وأموال العسكر من