فلما كان يوم السبت سابع عشري رجب، الموافق لثاني عشري مسري، زاد الله في النيل المبارك أصبعا واحدة عن النقص الذي كان نقصه ثم في يوم الأحد ثالث عشري مسري القبطي، الموافق لثامن عشري رجب، زاد النيل ما كان نفصه، ووفي ست عشرة ذراعا وأصبعا من السابعة عشرة، وكان النقص أربع أصابع عن الوفاء، فزاد النقص وأوفى وزاد أصبعا من السابعة عشرة، وذلك من فضل الله على عباده. فلما كان يوم الاثنين تاسع عشري رجب الموافق لرابع عشري مسري فتح السد وجرى الماء في الخليج الحاكمي والناصري، وقمد قيل في المعنى:
عجبت لنيل مصر حين وفى … على جور الأنام العاديات
فخضنا في حديث النيل لكن … مزجناه بأوصاف الفرات
وكان الذي فتح السد في ذلك اليوم يونس باشا نائب السلطنة، فلم يكن ليوم الوفاء بهجة مثل العادة. وبطل ما كان يعمل في ذلك اليوم من الأسمطة التي كانت تصنع بالمقياس، والمجامع الحلوى، والمشنات الفاكهة التي كانت تفرق في ذلك اليوم. فنزل يونس باشا في الحراقة السلطانية وتوجه إلى السد وفتحه على العادة. ولكن أين الثريا من يد المتناول بالنسبة لما كان يعمل يوم الوفاء بمصر.
ومن الحوادث أنه لما دخل الماء إلى بركة الرطلي سكنت العثمانية في بيوت الجسر قاطبة، وربطوا خيولهم في القواطين المطلة على البركة، وأخذوا الأبواب والطيقان والدرابزانيات وأوقدوها في النار، وكذلك بيوت المصطاحي وحكر الشامي، وسكنوا في بيوت الأكابر التي كانت على البركة قاطبة، فامتنعت مراكب البياعين من الدخول إلى البركة، وكذلك المتفرجون، ومنعوا المتفرجين من الدخول إلى الجسر، وصاروا يهوشون على الناس بالعصى. وأما الجزيرة الوسطى فإنها خرجت عن آخرها، ولم يبق منها إلا الجدر، ونقل أصحاب الأملاك سقوف البيوت والأبواب والطيقان، ولم تبقوا منها غير الحيطان. وأما بكرة الأزبكية فإن التركمان نصبوا وطاقهم بها ومنعوا الماء من الدخول إليها وحربوا غالب بيوتها، وأخذوا غالب ما فيها من الأبواب والطيقان وغير ذلك من الأخشاب.
وفي يوم الثلاثاء سلخ شهر رجب أشيع أن حسن بن مرعي شيخ عربان البحيرة قد حضر بالأمان، وكان قد بقي له أدلال على ابن عثمان، من حين تحيل على السلطان طومان باي وقبص عليه. فلما قابل ابن عثمان قبض عليه وسجنه بالبرج الذي بالقلعة، وقبض على ابن صقر. وقبض على ابن أخوي الجويلي، وسنهم بالبرج أيضا. وكان شيخ