وفي يوم السبت سلخ هذا الشهر طلع ابن أبي الرداد ببشارة النيل المبارك، وجاءت القاعدة ثماني أذرع وست عشرة أصبعا، وكانت القاعدة في العام الماضي لما أخذ قاع النيل اثنتي عشرة ذراعا، حتى عد ذلك من النوادر العربية.
*****
وفي جمادى الآخرة، وكان مستهله يوم الأحد. في ذلك اليوم كان أول المناداة على النيل المبارك فزاد ثلاث أصابع … وفي ذلك اليوم أشيع أن السلطان سليم شاه خلع على وزيره يونس باشا وقرره نائبا عنه بمصر وأعمالها إذا سافر إلى بلاده. فلما تقرر يونس باشا في النيابة بمصر، وأشيع سفر ابن عثمان، ظهر جماعة كثيرة من المماليك الجراكسة وتزيوا بزي العثمانية ولبسوا الطراطير والقفاطين الحرير، وصاروا يخالطون العثمانية، ويركبون معهم في الأسواق بطول النهار.
وفي يوم الأربعاء رابع هذا الشهر نادى السلطان في عسكره بأن كل من كان متزوجا من مصر بامرأة بطلقها، وإلا يشنق من غير معاودة فمنهم من طلق زوجته ومنهم من أبقاها في عصمته.
ومن الحوادث أن القاضي بدر الدين بن الوقاد لما تعين للسفر إلى إسطنبول وضمنه نقيب الجيش تخلص واختفى أياما فغمز عليه فقبضوا عليه من المكان الذي كان به. فلما أحضروه بين يدي الدفتردار وبخه بالكلام، وبطحه على الأرض، وهم بضربة حتى شفع فيه بعض الحاضرين، وقاسي من البهدلة والسب ما لا خير فيه، وغرم مالا له صورة، وآخر الأمر سافر إلى إسطنبول، والذي خاف منه قد وقع فيه.
وفي يوم الخميس خامسة، عدى السلطان سليم شاه من الروضة، وطلع إلى الرميلة، وعرض عسكره في الميدان الذي تحت القلعة، وعين منهم جماعة يقيمون بمصر صحبة يونس باشا، وعين جماعة يسافرون صحبته، ورسم للمشاة من عسكره بأن يسافروا في البحر، واستمر بعرض عسكره ثلاثة أيام متوالية.
وفي ذلك اليوم خرج حريم ملك الأمراء خاير بك، وحريم جان بردي الغزالي، للإقامة بحلب إلى أن يأتي السلطان هناك، وقد قويت الإشاعات بسفر السلطان عن قريب.
وفي يوم الجمعة سادس هذا الشهر، خرج جماعة من المباشرين للسفر إلى إسطنبول، منهم القاضي عبد الكريم أخو الشهابي أحمد بن الجيعان كاتب الحزائن الشريفة، وخرج الناصري محمد ابن القاضي صلاح الدين بن الجيعان كاتب الخزائن أيضا، وخرج الزيني عبد القادر بن الملكي مستوفي ديوان الجيش، وخرج شخص من أولاد ابن البارزي يقال