وفيه خلع السلطان على الأمير طقطباي حاجب الحجاب، وجعله متحدثا في كشوفية البحيرة عوضا عن يوسف البدري مضافا لما بيده من الحجوبية الكبرى.
وفي يوم الجمعة سادس عشرية حضر إلى الأبواب الشريفة القاضي عبد الكريم بن الجيعان أخو الشهابي أحمد بن الجيعان، وكان في الأسر عند ابن عثمان بالشام، ففر منه وحضر إلى مصر وهو في زي جمال وعليه بشت وعلى رأسه زنط. وحضر صحبته شخص يقال له أحمد الدمياطي وهو تاجر في الوراقين، وأخبر السلطان بأن ابن عثمان قد تلاشى أمره، وأن عساكره مختلفون؟ وأن ناصر الدين ابن الحنش ضيق عليه الطرقان.
وصارت العربان تقتل كل من انفرد من عسكره في الضياع، وأخبر أنه ملك مدينة الشام وقلعتها، وملك قلعة طرابلس وصفد وأعمالها، وصار بيده من الشام إلى الفرات، وأناب في هذه المدن التي ملكها جماعة من أمرائه كما فعل في حلب وحماة وحمص وغير ذلك من البلاد. وقيل إن ابن الحنش أرسل إلى السلطان مطالعة مستحثه في إرسال تجريدة بسرعة قبل أن يزحف ابن عثمان إلى غزة. ثم إن السلطان خلع على القاضي عبد الكريم ونزل إلى بيته.
وفي يوم الاثنين تاسع عشرية خلع السلطان علي ابن خليفة سيدي أحمد البدوي الذي قتله ابن عثمان في حلب وقرره عوضا عن أبيه بحكم قتله، فنزل من القلعة في موكب حافل وعلى رأسه الأعلام وقدامه سائر الفقراء الأحمدية.
*****
وفي ذي القعدة، وكان مستهله يوم الثلاثاء، جلس السلطان على الدكة بالحوش، وخلع في ذلك اليوم على الشرقي يحيى بن البرديني وقرره في قضاء الشافعية عوضا عن قاضي القضاة كمال الدين الطويل بحكم أسره عند ابن ثمان. وخلع علي قاضي القضاة الحنفية حسام الدين محمود ابن الشحنة وأقره في قضاء الحنفية على عادته وخلع على الشيخ شمس الدين التتاني وقرره في قضاء المالكية عوضا عن القاضي محيي الدين الدميري بحكم أسره عند ابن عثمان وخلع على قاضي القضاة عز الدين الششيي وأعاده إلى قضاء الحنابلة عوضا عن شهاب الدين الفتوحي بحكم أسره عند ابن عثمان … وهذه ثانية ولاية وقعت لعز الدين بن الششيني. فلما خلع السلطان على القضاة الأربعة في يوم واحد ونزلوا من القلعة وعليهم التشاريف رجت لهم القاهرة في ذلك اليوم، واصطفت لهم الناس على الدكاكين بسبب الفرحة. وقد تولى هؤلاء القضاة والقاهرة في غاية الاضطراب بسبب ابن عثمان.