للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المال الذي أفرده عليهم لأجل المشاة عند خروج التجريدة، فما حصل لأهل البلاد الشامية بسبب ذلك خير.

وكان حسين نائب جدة بأخذ العشر من تجار الهند المثل عشرة أمثال، فامتنعت التجار من دخول بندر جدة، وآل أمره إلى الحراب. وعز وجود الشاشات بمصر، وعز وجود الأصناف التي كانت تجلب من بلاد الإفرنج، والإرز والأنطاع، وخرب البندر، وكذلك بندر الإسكندرية، وبندر دمياط، فامتنعت تجار الفرنج من الدخول إلى تلك البنادر من كثرة الظلم.

وكان كل أحد من أراذل الناس يتقرب إلى خاطر السلطان بنوع من أنواع المظالم، فقرر على بيع الغلال قدرا معلوما يؤخذ على كل أردب ثلاثة أنصاف من البائع والمشتري، وكذلك على البطيخ والرمان، حتى حرج على بيع الملح، وجدد في أيامه عدة مكوس من هذا النمط لم يفعلها هناد في زمانه، ولم يفته من أعيان التجار أحد حتى صادره.

وصادر أمير المؤمنين المستمسك بالله يعقوب، وأخذ منه مالا له صورة، ودخل في جملة ديون حتى أورد ما قرر عليه.

وأما من مات تحت عقوبته بسبب المال، فمنهم القاضي بدر الدين بن مزهر كاتب السر، ومنهم شمس الدين بن عوض، ومعين الدين بن شمس الدين، وعلم الدين كاتب الخزانة، وغير ذلك جماعة كثيرة من المباشرين والعمال ماتوا في سجنه بسبب المال والمصادرات.

ومن أفعاله الشنيعة ما فعله مع أولاد الناس من خروج أقاطيعهم ورزقهم من غير سبب، وإعطاء ذلك إلى مماليكه الجلبان. ومنها قطع جوامك الضعفاء والأيتام من الرجال والنساء والصغار، وحصل لهم الضرر الشامل بسبب ذلك. ومنها أنه أرسل فك الرخام الذي بقاعة ناظر الخاص يوسف التي تسمى نصف الدنيا، فوضع ذلك الرخام في قاعة البيسرية التي بالقلعة.

ومنها أنه قطع معتاد الناس من الديوان المقرر من قديم الزمان، وجدد أخذ الحمايات من المقطعين من قبل أن يزيد النيل وتزرع الأراضي، وكانت المقطعين تقاسي من الهوان والذل ما لا خير فيه. ثم تزايد حرصه على جمع الدنيا وشحه حتى صار يحاسب السواقين الذين في سواقي القلعة، والخولة الذين في سواقي الميدان، على الجلة وروث الأبقار وما يتحصل في كل يوم مما يبيعونه، وقرر عليهم مبلغا يؤدونه للذخيرة الشريفة. وكانت أرباب الوظائف من المباشرين والعمال معه في غاية الضيق، لا يغفل عنهم من

<<  <  ج: ص:  >  >>