للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما حضر المبشر أشيع بين الناس وفاة القاضي زين الدين النابلسي، أخى الشرف يونس النابلسي الذي كان أستادارا، وكان القاضي زين الدين مجاورا بمكة فمات هناك.

وفي هذا الشهر أشيع سفر السلطان إلى جهة الفيوم ليكشف عن الجسر الذي انهدم في الماء وشرق غالب بلاد الفيوم، فلما تسامعت المماليك الجلبان بسفر السلطان إلى الفيوم تنكدوا لذلك وقالوا: "كيف يسافر السلطان في قوة الشتاء وخيولنا في الربيع". فشق عليهم ذلك وربما أشاعوا وقوع فتنة كبيرة.

وفي يوم الخميس سابع عشرينه حضر إلى الأبواب الشريفة ابن علي دولات الكبير، وقد اجتمع أولاد علي دولات وأخوه عبد الرزاق الكل بمصر، ولما حضر ابن علي دولات حضر ضحبته حاجب ثاني بحلب وهو شخص يقال له قانصوه بن نفيس، وكان نائب حلب أرسله إلى ابن عثمان قاصدا بسبب القلاع التي أخذها من بلاد علي دولات.

فلما حضر قانصوه هذا من عند سليم شاه بن عثمان أخبر عنه بأخبار غير صالحة بأنه قال: أنا ما أخذت هذه القلاع إلا بالسيف وما أردها إلا بالسيف، وأنه ما هو راجع عن التوجه إلى حلب والشام وحدثته نفسه بأخذ مصر، وهو في عمل يرق عظيم وجهز مراكب في البحر ليجيء على اسكندرية ودمياط، فلما سمع السلطان ذلك تنكد واجتمع هو والأمراء في ضرب مشورة بسبب ذلك. وأخبر هذا القاصد أنه أراد أن يعوقه عنده أو يقتله فما مكنه أمراؤه من ذلك، وقالوا: القاصد ما يقتل.

وفي ذلك اليوم كان آخر تفرقة الجامكية، فأشيع في ذلك اليوم بإقامة فتنة كبيرة من المماليك الجلبان. فلما كانت ليلة الجمعة أثار المماليك فتنة بالقلعة ورجموا من الطباق، فلما طلع النهار يوم الجمعة نزل السلطان إلى الميدان، وجلس به وترددت الرسل بينه وبين المماليك، وقد أرسل لهم جماعة من الأمراء والخاصكية فقالوا لهم: نحن ما نطلب منه نفقة، وإنما نطلب أن يبطل المجامعة والمجشاهرة التي قررها على السوقة في الدكاكين وعلى سائر البضائع حتى ما نلتقي شيئا نأكله، ويصرف هذه اللحوم المنكسرة للعسكر، ففيهم من له عشرة أشهر مكسورة وفيهم من له ستة أشهر وأربعة أشهر مكسورة وأن يبطل هذا الظلم الزائد والمصادرات للناس وأن يمشي على طريقة الملوك السالفة، وأن يعزل ابن موسى من الحسبة ويعزل الوزير يوسف البدري من الوزارة ويعزل كرتباي الوالي، فإنه قتل من خشداشينا مملوكا وما بقي لنا حرمة بين العوام، وذكروا أشياء كثيرة من هذا النمط.

وفي رواية أخرى أن المماليك قالوا: ويسلمنا علم الدين الحلبي وجمال الدين بواب الدهيشة، فإن جمال الدين كان متحدثا في الخزائن الشريفة من بعد موت الأمير خاير بيك

<<  <  ج: ص:  >  >>