فانوسين أكرة وكذلك على باب الميدان وقد عظم أمره جدا، ورسم السلطان أن أحدا لا يقول له سيدي بل يقولون له أمير آخور كبير.
وفي يوم الاثنين ثاني عشرة جلس السلطان في الميدان وعرض العسكر أصحاب الطبقة الخامسة، فكتب منهم جماعة نحو ستمائة مملوك، وقيل أكثر من ذلك، وعينهم إلى جهة الهند، وكان فيهم جماعة من مماليك السلطان الجلبان وجماعة من المماليك القرانصة وأولاد الناس وغير ذلك، وكان السلطان من حين بلغه أن الفرنج تزايد عبثهم في البحر الملح وطفشت به مراكب الفرنج، فاهتم بعمارة مراكب في السويس نحو عشرين مركبا وأوسقهم بالسلاح والمكاحل والمدافع وغير ذلك من آلة الحرب، وجعل سلمان العثماني رئيسا لتلك المراكب، وتحت يده جماعة كثيرة من العثمانية والمغاربة البحارة نحو ألفي إنسان، وقيل: أكثر من ذلك، فلما عين السلطان العسكر في ذلك اليوم استحثهم على الخروج بسرعة، ورسم أن النفقة تكون يوم الثلاثاء بعد النصف، فانفصل المجلس على ذلك.
وفي يوم الأربعاء رابع عشرة أشيع بين الناس أنه في ذلك اليوم حضر هجان من البلاد الحلبية وأخبر أن سليم شاه بن عثمان ملك الروم مشى على شاه إسماعيل الصفوي ملك العراقين، فلما بلغ على دولات أن طائفة من عسكر ابن عثمان قد قربت من بلاده خرج إليها وتحارب معها فانكسرت تلك الطائفة اليسيرة التي من عسكر ابن عثمان وقتل منها جماعة ونهب على دولات ما معهم، فعند ذلك طمع على دولات في عسكر ابن عثمان، فلما بلغ سليم شاه بن عثمان ذلك أرسل إلى علي دولات عسكرا ثقيلا نحو ثلاثين ألف مقاتل على ما قيل، ومعهم من الأمراء نحو سبعة أمراء من أمرائه، ومعهم سبعة صناجق فتحاربوا مع علي دولات وكسروه ونهبوا عسكره، وقتل علي دولات في المعركة هو وولده، وحزوا رؤوسهما على ما قيل وأشيع، ووقعت الكسرة على علي دولات وقد قويت الإشاعات بقتله والعلم عند الله تعالى.
فلما سمع السلطان هذا الخبر تنكد له إلى الغاية، ثم أرسل خلف الأمراء في ذلك اليوم وأطلعهم على ما بلغه من هذه الأخبار وضربوا مشورة فيما يكون من أمر هذه الواقعة، والأمر لله في ذلك، فكان حال على دولات مع ابن عثمان كما يقال في المعنى:
لا تأمنن عدوا … وان دنا للمنية
فحية السم تدعى … بعد المنية حية
وقد تقدم القول على أن ابن عثمان كان متعصبا لابن شاه سوار بأن يرد إليه بلاد أبيه سوار من يد عمه علي دولات ويوليه مكان أبيه، فكان يخشى من السلطان. وقد تقدم القول