على سلم الحراقة وطوب للأمراء وانفض ذلك المركب الحافل، وكان سن ابن السلطان يومئذ إحدى عشرة سنة.
ولم يسمع فيما مصى من الأخبار المتقدمة أن ابن سلطان ولي أمير آخور كبير سوى هدا، ولكن الملك الظاهر خشقدم قرر ربيبة الشهابي أحمد بن العيني أمير آخور كبي ولم يكن ابن سلطان، فعد ذلك من النوادر الغريبة، ولم يسمع فيما مضى من الأخبار أن ابن سلطان ولي الأتابكية في حياة والده وتسلطن منها سوى الملك المؤيد أحمد بن الأشرف إينال.
وفي يوم الأربعاء ثامنه نزل السلطان إلى باب السلسلة وجلس في الحراقة ومد بها سماط الغداء، ثم عرض مماليك الأمير قاني باي أميرآخور وعرض البوتات التي كانت للأمير آخور ورسم بجميع ذلك إلى ولده.
وفي يوم الخميس تاسعة رسم السلطان لولده أن يركب ويتوجه إلى بيت أمير كبير سودون العجمي ويتشكر منه الذي تعصب له في أن يلي أمير آخور كبير، فنزل وصحبته الأمير طومان باي أمير دوادار كبير وجماعة من الأمراء العشراوات والجم الغفير من المماليك والخاصكية، فشق من الصليبة وتوجه إلى بيت أمير كبير فقام إليه ولاقاه من الحوش، ثم ألبسه كاملية مخمل أحمر بسمور وفوقاني حرير أخضر بطرز يلبغاوي عريض وأركبه فرسا بسرج ذهب وكنبوش، ثم شق من الصليبة ثانيا في موكب حافل فطلع وهو لابس الفوقافي الكاملية، فباس الأرض للسلطان ثم رجع إلى باب السلسلة.
وفي يوم السبت ثامن عشرة فيه توفي الأمير نانق الغوري الخازن أحد الأمراء الطبلخانات، وكان عند السلطان من المقربين، فكان موته فجأة على حين غفلة، وكان مشهورا بالشح الزائد والبخل وكان غير مشكور في أفعاله.
وفي يوم الخميس ثالث عشرينة خلع السلطان على شخص من الأمراء العشراوات يقال له بيبردي ابن كسباي وقرره باش المجاورين بمكة عوضا عن جاني بيك قرا الذي كان بها في السنة الخالية، وخلع على شخص من الأمراء العشراوات الرؤوس النواب يقال له قراكز الجكمي وقرره في نظر الحسبة الشريفة بمكة، وكانت الحسبة مضافة لباشية مكة ففصلها السلطان منها وقرر بها قراكز هذا.
وفي يوم السبت خامس عشرينة كان ختام ضرب الكرة، فلعب السلطان الكرة في الميدان، ثم طلع إلى القلعة وعزم على الأمراء وجلس في المقعد الذي أنشأه بالحوش ومد لهم هناك أسمطة حافلة وطواري فاخرة، فأقام الأمراء عنده إلى بعد العصر، وكان السيد الشريف بركات أمير مكة حاضرا ذلك المجلس فبالغ السلطان في إكرامه وتعظيمه إلى الناية وأجلسه فوق أمير كبير، ثم أحضر السلطان ثيرانا وكباشا تتناطح قدامه في الحوش،