للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسبب النفقة، فذهبت ولا يعلم من فعل تلك الفعلة، فلما بلغ السلطان ذلك ألزم المعلمين الذين في دار الضرب بما سرق من ذلك القدر، فمضت ولم ينتطح في ذاك شاتان.

وفي يوم ثالث صمم المماليك على استعجال النفقة، فأخرج السلطان من حواصل الذخيرة أشياء كثيرة من الأمتعة التي كانت في الحواصل من ترك الخوندات والستات اللاتي متن واحتوى السلطان على موجودهن، ما بين قماش وبشاخين زركش وعنبر وأواني بلور وصيني وكفت وغير ذلك، وأخرج أشياء كثيرة من شاشات وأزر وأثواب بعلبكي وأثواب صوف قبرسي وغير ذلك فقوم ذلك بنحو خمسين ألف دينار فطلب التجار ورمي عليهم تلك الأصناف بأغلى الأثمان فأطلق في التجار النار، وكان المتكلم في ذلك محمد مهتار الطشخاناه وقد جعله السلطان متكلما على حواصل الذخيرة من حين توفي الحاج ياقوت فراش الخزانة، فشدد محمد المهتار على التجار في جبي الأموال فجبيت منهم في مدة يسيرة لأجل النفقة، وحصل على التجار الضرر الشامل وقد خسروا في الأثواب الصوف النصف فإنها كانت معتوتة، وكذلك خسروا في البعلبكي والأزر والشاشات والأنطاع والمحابس اليمنى وغير ذلك.

ثم أن السلطان أطلق في المباشرين النار وضيق عليهم بسبب بواقي فضلات الأموال التي قررت عليهم من فضلات بواقي الحسابات، فكتبوا له قوائم بما تأخر على المباشرين والعمال والمدركين وأرباب المصادرات فكان ذلك القدر نحو مائة ألف دينار، فظهر على علاء الدين ناظر الخاص ثلاثة وثلاثون ألف دينار، وعلى الزيني بركات بن موسى المحتسب خمسة عشر ألف دينار، وعلى القاضي شرف الدين الصغير خمسة آلاف دينار، وغير ذلك من العمال ومن بواقي المصادرات، فأطلقوا فيهم النار بسبب النفقة على المماليك، وما قاسى أحد من أرباب الدولة بسبب هذه النفقة خيرا، وقد استحثهم السلطان في سرعة ورود المال على النفقة.

وفي يوم الاثنين سابع عشرة حضر إلى الأبواب الشريفة الأمير أبرك أحد الأمراء المقدمين، وأصله من مماليك السلطان، وكان خرج إلى حلب صحبة التجريدة وقد جعله السلطان باشا على المماليك الجلبان، فلما رسم لهم السلطان بالعود إلى مصر حضر الأمير أبرك قبل مجيئ الأمراء فدخل إلى مصر وسبق الباش، ودخل صحبته جماعة كثيرة من الأمراء الطبلخانات والعشراوات ممن كان، التجريدة، فلما طلع وقابل السلطان خلع عليه ونزل إلى داره في موكب حافل.

وفي ذلك اليوم أنفق السلطان الجامكية على العسكر، وأنفق عليهم النفقة التي كان وعد العسكر بها وجرى بسببها ما تقدم ذكره، فلم تكن هذه النفقة عامة على العسكر بل كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>