للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه كتب العقبة بالأمن والسلامة سر لذلك وانشرح، ورحل من المنية، وتوجه إلى المنصورية، ونصب بها المخيم الشريف ونزل هناك، ثم يتوجه من بعد ذلك من مرحلة إلى مرحلة حتى يدخل إلى ثغر الإسكندرية.

وفي يوم الاثني ثامنة رسم الأمير طومان باي الدوادار نائب الغيبة بأن ينادي في القاهرة بالأمان والاطمئنان والبيع والشراء، وأن يعلقوا على كل دكان قنديلا من المغرب وأن لا مملوكا ولا غلاما ولا عبدا يخرج من بعد العشاء ومعه سلاح، وأن لا مملوكا يغطى وجهه إذا خرج إلى السوق ومن فعل ذلك شنق من غير معاودة، فضج الناس له بالدعاء.

وفي يوم الثلاثاء تاسعة توفي الحاج ياقوت فراش الخزانة، وكان أصله من عبيد المقر السيفي برقوق نائب الشام وأعتقه، وساعدته الأقدار حتى صار في سعة من المال وصار أيمن السلطان على الخزائن الشريفة. فلما مات في غيبة السلطان جاء الزيني بركات بن موسى وختم على حواصله ورسم على ولده وعلى عياله إلى أن يحضر السلطان، وكان ياقوت متهما بالمال الجزيل، وكان هو الأمير خاير بيك الخازندار يتصرفان في الخزائن الشريفة كيف شاءا منها، فكان كما يقال في المعنى:

وقائلة أرى الأيام تعطى … لئام الناس من رزق خبيث

تمنع من له شرف وفضل … فقلت لها خذي أصل الحديث

رأت حل المكاسب من حرام … فجادت بالخبيث على الخبيث

وفي يوم الخميس حادي عشرة وسط الوالي شخصا من الغلمان قيل عنه أنه كان يخطف العمائم في الأسواق بعد العشاء، فلما قبضوا عليه وسطوه في وسط الصليبة قدام حمام شيخو، وقيل وسطوا آخر من الغلمان عند الكبش، وفي هذه الأيام كثر هجم المناسر في الحارات والأماكن من القاهرة وغيرها من ضج الناس من ذلك، ولا سيما كان السلطان غائبا في السفر إلى الإسكندرية فماجت القاهرة لذلك.

وفي يوم الاثنين خامس عشرة فرقت الجامكية في غيبة السلطان، وحضر تفرقتها القاضي جلال الدين نائب كاتب المماليك، وحضر الأمير سنبل مقدم المماليك ونائبه والزيني بركات بن موسى المحتسب وغير هؤلاء، وفرقت الجامكية عند سلم المدرج، وكانت في غاية الانشحات.

<<  <  ج: ص:  >  >>