للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك اليوم مائة وعشرة من الخاصكية ممن يسافر معه إلى الإسكندرية، فصار كاتب المماليك ماشيا على أقدامه في وسط الرملة وهو يستدعي أسماء المماليك، فرجت الرملة في ذلك اليوم وتحقق سفر السلطان، واضطربت أحوال العسكر بسبب سفر السلطان في قلب الشتاء وشدة البرد، فلما طلع السلطان إلى القلعة فتح حواصل الذخيرة وأخرج منها زرديات وخوذا وأتراسا ورماحا بسن فولاذ وسيوفا وجواغين، ففرق منها على خاصكيته أشياء كثيرة مما يحتاجون إليه من آلة السلاح.

وفي يوم السبت تاسع عشرينة نزل السلطان إلى الميدان وعرض جماعة من مماليكة الخاصكية وهم باللبس الكامل من آلة السلاح، فعين منهم جماعة يسافرون معه إلى الإسكندرية. وقد أشيع بأنه يعني معه نحو خمسمائة خاصكي من مماليكة، وفي ذلك اليوم برز السلطان خامه وتوجه به إلى بولاق ثم عدوا به إلى برانباية، ورسم بأن ينصب في المنصورية ذلك الوطاق.

*****

وفي ذلك القعدة كان مستهل الشهر يوم الاثنين فطلع الخليفة والقضاة الأربعة للتهنئة بالشهر على العادة، فجلس السلطان بالميدان وكان في همة الخروج إلى سفر الإسكندرية.

فلما قام الخليفة والقضاة الأربعة طلب العلامة وعلم على بعض مراسيم. ثم ركب من الميدان وانسحب قدامه الطلب فكان طلبا حربيا فيه طبلان وزمران والنفير البرغشي، ثم انسحب فيه خمس وأربعون فرسا عليها أجلال شعر وفي رقابها مقاود، ثم انسحب فيه ثلاث عشرة نوبة هجن بأكوار زركش ومخمل ملون، ثم انسحب فيه نحو خمسين فرسا بسروج ذهب وكنابيش وغواشي حرير أصفر وتختنين بغواشي حرير أصفر، فكان عدة الخيول به نحو مائة وعشرين فرسا، ثم تقدمت الخاصكية وبعدهم المباشرون قاطبة، وبعدهم الأمراء المقدمون وهم: أمير كبير سودون العجمي والأمراء المقدمون وهم:

مجلس والأمير الدوادار الكبير والأمير أنص باي حاجب الحجاب وبقية الأمراء المقدمين، ثم جاء من بعدهم السلطان وهو راكب على فرس بوز، وعليه سلاري جوخ بنفسجي مفري وشق، وعلى رأسه تخفيفة صغيرة مدورة بغير قرون، فشق من الصليبة في ذلك الموكب الحفل، فارتفعت له الأصوات بالدعاء من الناس، فقيل إنه توجه في ذلك اليوم إلى المقياس وهو والأمراء ومد لهم هناك مدة حافلة وأقام بالمقياس ذلك اليوم، وأشيع غير ذلك أن السلطان لما نزل من القلعة توجه إلى بولاق ونزل في مكان يسمى السبكية فبات بها، وقيل بل بات في المنية بإزاء إنبابة، والأقاويل في ذلك مختلفة. وكان بها الوطاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>