للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاهرة في ذلك ليوم رجا .. ولم يكن من العادة القديمة أن محفة حريم السلطان تشق من القاهرة.

وقد تقدم أن خوند زينب زوجة الأشرف آينال لما حجت لم تشق محفتها من القاهرة، بل طلعت من بين الترب، وكذلك خوند الأحمدية زوجة الظاهر خشقدم لم تشق محفتها من القاهرة، ولا خوند زوجة الأشرف قايتباي لما حجت لم تشق محفتها من القاهرة، ولكن أشيع أن خوند زوجة السلطان لم تخرج في ذلك اليوم ولم تنزل من القلعة فشقوا بالمحفة من القاهرة ثم أعادوها من بين الترب إلى القلعة حتى تنزل خوند. ويأتي الكلام على ذلك في موضعه، ثم انسحب سنيح خوند وابن السلطان فكان فيه ألف جمل ما بين زاد وقرب ماء وغير ذلك من اليرق الحافل. ثم انسحب طلب الأمير طقطباي أمير ركب المحمل فكان غاية في الحسن، وهو منتهى ما يعمل في الأطلاب الملوكية، فانسحب فيه نحو مائتين فرس ما بين خيول ملبسة بركستوانات فولاذ مكفت، وغير ذلك من المحمل الملون، وخيول بكنايش زركش، وغير ذلك من المحفات والأحمال المزينة، فارتجت، لهذه الأطلاب الرملة. ثم انسحب المحمل وقدامه ابن السلطان والأمراء الحاج والخاصكية المسافرون إلى الحجاز فطلعوا. وكان السلطان في ذلك اليوم في شباك القصر ينظر إليهم من القلعة، فخلع السلطان على ولده مثمرة وفوقاني حرير أخضر بطرز يلبغاوي عريض، وخلع على أمراء الحاج مثمرات، وخلع على باش المجاورين كاملية صوف بسمور، وكان بالقاهرة شخص من قضاة مكة فألبسه السلطان تشريفا وطرحاه هو وقاضي المحمل، ثم نزل ابن السلطان من القلعة وأمراء الحاج وصحبتهم الأتابكي سودون العجمي وبقية الأمرء المقدمين وسائر أعيان المباشرين. وكان قاصد ابن عثمان حاضرا لهذا الموكب العظيم، فشقوا من القاهرة في موكب حفل لم يقع مثله في خروج الحجاج فيما تقدم من المواكب، فلهج الناس بأن ذلك نهاية سعد السلطان مما وقع له من الأمور الخوارق فيما تقدم ذكره.

وفي ذلك اليوم أشيع بأن قاصدا ثانيا واصلا من عند ابن عثمان ملك الروم، فلما سمع السلطان بمجيء القاصد عوق إينال باي دوادار سكين عن السفر إلى حلب حتى يسمع ما جاء فيه القاصد من الأخبار، وقد تقدم القول على أنه خلع على إينال بأي وأذن له بالسفر ثم عوفه عن السفر لأمر بدا له في ذلك.

وفي يوم الثلاثاء ثامن عشرة نزلت خوند من القلعة بعد صلاة الفجر فجلست في المحفة من باب الستار، ثم نزلوا بها من دار البقر إلى خلف القلعة وقدامها المشاعل والفوانيس، وركب قدامها سائر المباشرين ومقدم المماليك وسائر الخدام من الطواشية،

<<  <  ج: ص:  >  >>