وأما ما أشيع من الأخبار صحبة هذا القفل الذي حضر من حلب مما كان بين ابن عثمان وبين الصفوي من أمر هذه النصرة على الصفوي. قيل أن في سادس رجب من هذه السنة وقع بين ابن عثمان وبين الصفوي وقعة مهولة بالقرب من تبريز، فكسر الصفوي ابن عثمان أولا كسرة قوية وقتل من أمرائه الأعيان اثنا عشر أميرا مقدم ألف غير الأمراء الذين دونهم، وقتل ممن عسكره نحو من ثلاثين ألفا وقيل أكثر من ذلك، وكانت الكسرة على ابن عثمان أولا. ثم أن ابن عثمان أحضر اثنى عشر ألف رام بالبندق الرصاص وتلاقي مع الصفوى فكسر الصفوي كسرة قوية، وقيل: إنه جرح وولى مهزوما فلم يعلم له خبر، وقيل: أن ابن عثمان أسر أمراء الصفوي وحز رقابهم وأرسلهم إلى بلاد الروم، فزينت له المدائن بالروم، مدينة إسطنبول وغيرها من المدائن. وقيل قتل من عسكر الصفوى ما لا يحصى عددهم ثم إن ابن عثمان ملك تبريز بالأمان، وكذلك قاشان وسيواس وغير ذلك من البلاد مما كان بيد الصفوي، وخطب له باسمه بها على المنابر.
وكانت هذه النصرة لسليم شاه ابن عثمان على غير القياس ولم يقع لأحد من أجداده مثل هذه النصرة قط، والكلام في ذلك كثير أن صحت هذه الأخبار من أمر هذه النصرة.
وفي أثناء هذا الشهر توفي القاضي بدر الدين ابن الأنبابي كاتب جيش الشام رحمة الله عليه، وقرر في وظيفته الشرفي يونس النابلسي الأستادار كان، وكان بد الدين لا بأس به.
وفي يوم الجمعة سادس عشر شهر رمضان قلع السلطان البياض ولبس الصوف، ووافق ذلك سابع هاتور القبطي، وهي العادة القديمة في لبس الصوف.
وفي يوم الأحد ثامن عشرة توفي الناصري محمد بن قجق نديم السلطان، وكان علامة في ضرب الطنبورة عارفا بصنعة الأنغام، وكان لطيف الذات عشير الناس، فكانت جنازته حافلة ومشى فيها أعيان الناس، حتى أعيان مغاني البلد والآلاتية قاطبة فإنه كان شيخهم، وكان من المقربين عند السلطان.
وفي يوم الاثنين سادس عشرين شهر رمضان جاءت الأخبار من حلب بأن المماليك السلطانية أثاروا بحلب فتنة مهولة وركبوا هناك على الأمراء وطردوهم عن حلب وقالوا لهم: أرسلوا قولوا للسلطان ينفق علينا لكل مملوك خمسين دينارا كما أنفق على مماليكه الجلبان قبل ذلك، وأشاعوا عنهم أخبارا شنيعة إلى الغاية، وأن الأحوال مضطربة بحلب والأمور غير صالحة. فتنكد السلطان لهذا الخبر إلى الغاية، وضرب مشورة هو والأمراء بسبب هذه الحادثة.
وقيل أنه عين الأمير إينال باي دوادار سكين بأن يتوجه إلى حلب، ويكشف عن صحة هذه الأخبار الشنيعة ويطالع السلطان بذلك. وقد كثر القيل والقال بين الناس بسبب ذلك.