وفي يوم الاثنين سادس عشره أنفق السلطان الجامكية على العسكر، وفي هذا الشهر حسن ببال السلطان أن يضيف الطبقة الخامسة التي جددها برسم العسكر الملفق، فوزع ذلك العسكر على الطباق لأربع كما كانوا في الأول، وأبطل أمر الطبقة الخامسة، وصار العسكر شيئا واحدا في تفرقة الجامكية.
وفي يوم الخميس تاسع عشره دخل الحاج إلى بركة الخاج، فدخل الركب الأول وقد جد في السير أمير الحاج طومان باي حاجب ثاني، فخرق العوائد في دخوله في التاسع عشر من المحرم، فدخل القاهرة وطلع إلى القلعة في يوم الجمعة عشرينه، فخلع عليه السلطان وشكره على ذلك.
وفي يوم السبت حادي عشرينه دخل المحمل الشريف إلى القاهرة وطلع أمير ركب المحمل الأمير قانصوه كرت أحد الأمراء المقدمين، فخلع عليه السلطان خلعة سنية ونزل إلى داره في موكب حافل، ورجعا والحجاج راضية عنهما فيما فعلاه في طريق الحجاز.
وفي هذه السنة رجع من الحجاز القاضي شمس الدين التتاي المالكي أحد النواب، وكان مجاورا بمكة ثلاث سنين.
ورجع سيدي خليل ابن عم الخليفة، وكان مجاورا بمكة فرجع وهو مريض على خطة لا يعي، فلما توجه إلى داره أقام بها إلى يوم الاثنين ثالث عشرينه وتوفي إلى رحمة الله تعالى. وهو خليل بن محمد بن يعقوب بن محمد المتوكل على الله العباسي الهاشمي القرشي. وكان رئيسا حشما بهي المنظر شائب اللحية، وكان في عشر السبعين لما مات، فكان له جنازة حافلة ودفن على أبيه بجوار مشهد السيدة نفيسة ﵂، وقد كبر سنه وشاخ ولم يل الخلافة، لا هو ولا أبوه محمد ولا جده يعقوب، وكان خليل هذا طامعا بأن يلي الخلافة فلم يقسم له ذلك وجاءه الموت على غرة، فمات وفي قلبه من الخلافة حسرة، ففاته نيل الخلافة، وعانده الدهر فيما أمله بخلافه. وقد قلت في المعنى:
مات سيدي خليل بالقهر لما … لم ينل بالخلافة التفضيلا
وتولى عنه الزمان بريب … وكذا الدهر لا يراعي خليلا
وكان سيدي خليل عنده رهج وخفة وكان أهوج في نفسه، وقد جرى بينه وبين ابن عمه أمير المؤمنين المستمسك بالله يعقوب بسبب الخلافة ما لا خير فيه. وقد تقدم ما وقع لهما في سنة أربع عشرة وتسعمائة، فما أبقى سيدي خليل ممكنا في أذى ابن عمه الخليفة