وفي يوم الخميس خامس عشره فرقت الجامكية في غيبة السلطان، فحضر الأمير طقطباي نائب القلعة والأمير خاير بك الخازندار وشمس الدين بن عوض وكتاب المماليك، وفرقت الجامكية على العسكر وحصل السداد في غيبة السلطان.
وفي يوم الجمعة سادس عشره كان السلطان مسافرا، فلم يطلع القاضي الشافعي في ذلك اليوم ولم يصد بالقلعة، بل صلى في جامع الشيخ عبد القادر الدشطوطي، ولم يخطب هو به في ذلك اليوم.
وفي يوم السبت سابع عشره عاد السلطان من تلك السرحة وقد وصل إلى العكرشا ثم عاد، فكانت مدة غيبته في هذه السرحة ثمانية أيام، وقد تكلف الأمراء كلفة زائدة، وكان أشيع أنه يسرح في البلاد الشرقية ويتوجه إلى وادي العباسة فلم يصح ذلك، ولما رجل نزل بالوطاق بالريدانية وبات به ليلة الأحد وأحرق هناك إحراقة نفط، فلما كان يوم الأحد أوكب السلطان من هناك ودخل من باب النصر وشق من القاهرة ولبس التخفيفة الناعورة، وركب قدامه الأمراء قاطبة والمباشرون، ولاقته القضاة الأربعة من رأس الحسينية، ولم تكن هذه عادة أن السلطان إذا خرج وشوط تلاقيه القضاة الأربعة، ولكن عملوا ذلك خدمة له كونهم تولوا جددا، فشق من القاهرة في موكب حافل، وكان له يوم مشهود، على حكم الموكب المقدم ذكره قبل ذلك، وقد انشرح في هذه السفرة وتصيد ودخل عليه تقادم كثيرة من كاشف الشرقية وشيخ العرب، من خيول وبقر وغنم وغير ذلك، ولكن حصل للمقطعين غاية الضرر. وقد أفرد الكاشف وشيخ العرب على البلاد خيولا وأغناما وأبقارا ومبلغا، وحصل بسبب ذلك ما لا خير فيه. وكان السلطان أخذ معه محفة على أنه يتوجه من هناك إلى السويس، فلم يتم له ذلك ورجع عن قريب.
وفيه كانت وفاة الزيني فرج أحد الأمراء المقدمين الألوف ابن برد بك أحد الحجاب ورأس باش البريدية، وكان من أعيان أولاد الناس، وكان رئيسا حشما من ذوي العقول، وقاسى في أواخر عمره شدائد ومحنا، وصودر وأقام في الترسيم مدة طويلة، وباع جميع ما يملكه، وكان شاخ وكبر سنه وجاوز الثمانين سنة من العمر.
وفي يوم الاثنين سادس عشرينه توفيت نور كلدي الجركسية زوجة الأمير خاير بك أحد المقدمين الذي كان كاشف الغربية، وهي بنت أخت خوند الجركسية قرابة الملك الظاهر جقمق، وكانت شابة جميلة حسنة، فكانها لها مشهد حافل، ومشت قدامها الأمراء قاطبة، وصلى عليها في سبيل المؤمنين.